كان الحج تطوعا ، وبه قال ابن عباس وابن الزبير ومروان وأصحاب الرأي (١) ثم نقل احتجاجهم بقول النبي (صلىاللهعليهوآله) (٢) : «من فاته الحج فليتحلل بعمرة ، وعليه الحج من قابل». ولأن الحج يلزم بالشروع فيه فيكون حكمه حكم الواجب.
وعلى ما ذكرناه تكون رواية داود الرقي (٣) محمولة على الحج المندوب ، وانه يجب ان يتحلل منه بالهدي ، ثم بعد إحلاله فان اتى بالعمرة فلا حج عليه من قابل ، وان لم يأت بها وجب عليه القضاء. وكل من وجوب الهدى ووجوب القضاء انما خرج مخرج التقية.
قال في المدارك : وهل يجب الهدي على فائت الحج؟ قيل لا وهو المشهور بين الأصحاب ، تمسكا بمقتضى الأصل السالم. وحكى الشيخ عن بعض أصحابنا قولا بالوجوب ، لورود الأمر به في رواية داود الرقي (٤) وهي ضعيفة السند ، فلا يمكن التعويل عليها في إثبات حكم مخالف للأصل. انتهى.
وفيه ان صحيحة ضريس (٥) المنقولة من كتاب من لا يحضره الفقيه قد اشتملت على ذكر الهدي ايضا ، وبه يظهر ان مجرد طعنه في رواية داود لا يقطع مادة الإشكال ، بناء على هذا الاصطلاح الواضح الاختلال ،
__________________
(١) المغني ج ٣ ص ٥٢٨ و ٥٢٩ طبع عام ١٣٦٨.
(٢) المغني ج ٣ ص ٥٢٨ طبع عام ١٣٦٨ عن الدارقطني عن ابن عباس عن رسول الله (ص) واللفظ : «من فاته عرفات فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل».
(٣ و ٤) المتقدمة برقم ٤ ص ٤٦٣.
(٥) المتقدمة برقم ١ ص ٤٦٤.