ما يخاف منه على نفسه التلف ان عدمه والعطب فلا يشتريه ويتيمم بالصعيد ويصلي».
أقول : لا يخفى ان ما استدل به المحقق في المعتبر على القسم الثاني لا يخلو من نظر وان استحسنه في المدارك ، اما قوله : «من خشي من لص أخذ ما يجحف به. إلخ» فهو مع كونه لا دليل عليه لا يخرج عن القياس ، فان ورود ذلك على تقدير تسليمه في السعي إلى تحصيل الماء لا يوجب انسحابه الى الشراء سيما مع عموم الصحيحة المنقولة في كلامهم والخبرين اللذين اردفناهما بها ، واما الاستناد إلى الرواية فكذلك أيضا ، لأن موردها طلب الماء في الغلوات وهو خارج عن محل المسألة وحمل ما نحن فيه على ذلك لا يخرج عن القياس ، وبالجملة فإن الأخبار التي نقلناها في المسألة عامة للصورة الثانية والثالثة ، حيث ان ظاهرها وجوب الشراء ما وجد الثمن قليلا كان أو كثيرا ، والظاهر انه الى ما ذكرنا ذهب المرتضى على ما نقله في المعتبر حيث قال : «وإذا لم يوجد إلا ابتياعا وجب مع القدرة وان كثر الثمن ، كذا قال علم الهدى ، وقيل ما لم يتضرر به في الحال وهو أشبه» ثم استدل على الأول بأنه واجد للماء ضرورة قدرته عليه بالثمن الموجود ، ثم أورد رواية صفوان إلى ان قال : واما الثاني وهو اشتراط عدم الضرر الحالي فهو اختيار الشيخ ، ثم نقل قول ابن الجنيد الآتي الى ان قال : وقال الشيخ في كتبه كلها لا يجب شراؤه إذا كان مضرا في الحال وهو فتوى فضلائنا وفتوى فقهاء الجمهور ، وانما قلنا انه أشبه لان من خشي. إلى آخر ما قدمناه من نقل دليله. وأنت خبير بان ظاهر إطلاق المرتضى هو ما ذكرناه ، وتقييدهم بالضرر المذكور في مقابلة إطلاقه شاهد لما ندعيه. وهذا الضرر الذي قيدوا به لا يخلو من إجمال ، نعم يمكن التقييد بما دلت عليه رواية الدعائم من انه متى استلزم دفع المال خوف التلف على نفسه والعطب فإنه يجب الانتقال الى التيمم ، ويؤيده ما دل على نفي الحرج في الدين وارادة اليسر دون العسر وسعة الحنيفية (١)
__________________
(١) اما ما دل على نفي الحرج والعسر فالآيتان المتقدمتان ص ٢٦٥ واما ما دل على سعة الحنيفية فروى السيوطي في الجامع الصغير ج ١ ص ١٠٩ قوله (ص) : «بعثت