والروض تبعا للشيخ قد فرعوا على قوله في حديث أهل أحد : «وقدموا أكثرهم قرانا» فروعا لا فائدة في التطويل بذكرها مع عدم ثبوت أصل الحديث كما أشرنا إليه.
(الثالثة) ـ الظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في تحريم النبش ، وقد ادعى على ذلك الإجماع جمع منهم كالمحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والتذكرة والشهيد في الذكرى وقد استدل في كتاب الوسائل على تحريم النبش بالأخبار الواردة بقطع يد النباش (١) وفيه ان الظاهر من تلك الاخبار بحمل مطلقها على مقيدها ان القطع انما هو من حيث سرقة الكفن لا من حيث النبش ، ومنها ـ ما رواه في الكافي عن عبد الله بن محمد الجعفي (٢) قال : «كنت عند ابي جعفر (عليهالسلام) وجاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ثم نكحها فان الناس قد اختلفوا علينا فطائفة قالوا اقتلوه وطائفة قالوا أحرقوه؟ فكتب إليه أبو جعفر (عليهالسلام) : ان حرمة الميت كحرمة الحي تقطع يده لنبشه وسلبه الثياب ويقام عليه الحد في الزنا : ان أحصن رجم وان لم يكن أحصن جلد مائة». وفي رواية أبي الجارود عن الباقر (عليهالسلام) (٣) قال : «قال أمير المؤمنين (عليهالسلام) يقطع سارق الموتى كما يقطع سارق الأحياء». ونحوهما غيرهما ، وعليهما يحمل ما أطلق مثل صحيحة حفص ابن البختري (٤) قال «سمعت أبا عبد الله (عليهالسلام) يقول : حد النباش حد السارق». وفي رواية إسحاق بن عمار (٥) «ان عليا (عليهالسلام) قطع نباش القبر فقيل له أتقطع في الموتى؟ فقال انا لنقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا». وهو ظاهر في كون القطع انما هو للسرقة. وبالجملة فإني لا اعرف لذلك غير ما يدعى من الإجماع.
ثم ان الأصحاب قد استثنوا هنا صورا منها ما اتفق عليه ومنها ما اختلف فيه :
(الأولى) ـ إذا وقع في القبر ما له قيمة فإنهم صرحوا بجواز النبش للنهي عن إضاعة المال ، قالوا ولا يجب على مالكه قبول القيمة ، ولا فرق في ذلك بين القليل
__________________
(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) المروية في الوسائل في الباب ١٩ من أبواب حد السرقة.