كذلك على التفصيل المتقدم في المسألة ، ويؤيده أيضا وجه الجمع الذي قدمناه في المسألة المشار إليها من مسائل توابع الوضوء من ان التيمم مخصوص بالبدلية عن الغسل باعتبار ما على البدن من القروح والجروح التي يتضرر بكشفها الى الهواء وبملاقاتها البرودة أو الوضوء إذا حصل التضرر على الوجه المذكور وإلا فالوضوء أو الغسل دون التيمم والعمل في موضع القرح بما تقدم من التفصيل.
(الثالثة) ـ الظاهر ان المراد بالمرض الموجب للتيمم هو ما يشق معه استعمال الماء بخوف حدوثه أو زيادته أو بطوء برئه ويصعب على وجه لا يتحمل عادة ، لأن التكليف ـ كما عرفت من الروايات المتقدمة ـ انما تعلق بالوسع دون الطاقة بمعنى انه وان أطاقه وأمكن الإتيان به بمشقة فإنه لا يكلف به وانما يكلف بوسعه يعني ما لا مشقة فيه وان كان فيه نوع أذى مثل وجع الرأس في الجملة أو الضرس أو نحو ذلك فإنه لا يوجب الانتقال الى التيمم ، وليس له حد شرعي بل الإنسان على نفسه بصيرة ، وفي موثقة زرارة (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) ما حد المرض الذي يفطر فيه الرجل ويدع الصلاة من قيام؟ فقال (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) هو اعلم بما يطيقه». قال في المعتبر : يستبيح المريض التيمم مع خوف التلف ولا يستبيحه مع خوف المرض اليسير كوجع الرأس والضرس ، وهل يستبيحه بخوف الزيادة في العلة أو بطئها أو الشين؟ مذهبنا نعم ، ثم نقل الخلاف من العامة (٢) وفي الشرائع قال لو خشي المرض
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٦ من أبواب القيام في الصلاة.
(٢) في بدائع الصنائع ج ١ ص ٤٨ «إذا كان به جراحة أو جدري أو مرض يضره استعمال الماء فيخاف زيادة المرض باستعمال الماء يتيمم عندنا ، وقال الشافعي لا يجوز التيمم حتى يخاف التلف» وفي المغني ج ١ ص ٢٥٨ «اختلف في الخوف المبيح للتيمم فروي عن احمد واحد قولي الشافعي انه لا يبيحه إلا خوف التلف وظاهر المذهب يبيح التيمم إذا خاف زيادة المرض أو تباطؤه الى ان قال وعليه أبو حنيفة والقول الثاني للشافعي».