وبذلك يظهر انه لا دلالة في عبارة المعتبر على ما ادعاه من التفصيل. وكيف كان فالظاهر هو القول بالعدم مطلقا كما هو المشهور لعدم الدليل وصدق الامتثال بما اتى به لأنه الذي تعلق به الخطاب.
ومما ينبغي التنبيه له انه يجب ان يستثني من وجوب نية البدلية على القول به مطلقا أو على التفصيل المتقدم تيمم الصلاة على الجنازة والتيمم للنوم ، لان كلا منهما جائز بدون الطهارة ولان التيمم فيهما جائز مع وجود الماء ، وكذلك التيمم للخروج من المسجدين بناء على مذهب من يجعل غايته الخروج من المسجدين وان أمكن الغسل فإنه لا وجه لنية البدلية بل صرحوا بأنه لا يجوز النية كذلك ، واما على القول الآخر من ان التيمم انما يشرع مع عدم إمكان الغسل فيكون كغيره مما تقدم.
(الثالث) ـ انه قد اختلف الأصحاب في محل النية في التيمم ، فالمشهور ان محلها عند الضرب على الأرض لأنه أول التيمم وبه قطع في المنتهى ، قالوا فعلى هذا يجب مقارنة النية الضرب على الأرض حيث انه أول أفعاله كما في غيره من العبادات التي يجب مقارنة النية لأول أفعالها ، ولو تأخرت عن ذلك الى مسح الوجه بطل التيمم لخلو بعض أفعاله عن النية ، وقطع العلامة في النهاية بالاجزاء بتأخيرها إلى مسح الجبهة وجعل الضرب خارجا عن حقيقة التيمم ونزله منزلة أخذ الماء في الطهارة المائية حيث لا تحتم النية عنده لعدم كونه أول الأفعال الواجبة بل تؤخر عنه الى غسل الوجه. واعترضه في الذكرى بوجهين : (أحدهما) ـ ان تنزيله منزلة أخذ الماء للطهارة المائية فيه منع ظاهر لأن الأخذ غير معتبر بنفسه ولهذا لو غمس الأعضاء في الماء أجزأ بخلاف الضرب. و (ثانيهما) ـ انه لو أحدث بعد أخذ الماء لم يضر بخلاف الحدث بعد الضرب أقول : وتوضيحه ان الواجب في الوضوء غسل الأعضاء كيف اتفق من غير تقييد بنحو خاص بخلاف التيمم فان الواجب فيه الضرب بنفسه كما دلت عليه الأخبار حتى لو تعرض لهبوب الريح أو وضع جبهته على الأرض ناويا لم يجزئه اتفاقا ، وتخلل الحدث بين أخذ الماء