أدلة شرعية ثبت بها ما دلت عليه من وجوب أو استحباب وإلا فلا يثبت بها حكم شرعي مطلقا.
والقول بأن أدلة الاستحباب مما يتسامح فيها ضعيف ، وبذلك صرح في المدارك ايضا حيث قال في أول الكتاب في شرح قول المصنف بعد عد أسباب الوضوء الموجبة له : «والندب ما عداه» فذكر في هذا المقام جملة الوضوءات المستحبة المستفادة من الاخبار وطعن في جملة منها بان في كثير منها قصورا من حيث السند ، قال : «وما قيل من ان أدلة السنن يتسامح فيها بما لا يتسامح في غيرها فمنظور فيه لان الاستحباب حكم شرعي فيتوقف على الدليل الشرعي كسائر الأحكام» هذا كلامه ثمة وان خالفه في جملة من المواضع كهذا الموضع وغيره وكل ذلك ناشىء من ضيق الخناق في هذا الاصطلاح الذي هو الى الفساد أقرب من الصلاح.
أقول : لا يخفى انه قد وقع لنا تحقيق نفيس في هذه المسألة لا يحسن ان يخلو عنه كتابنا هذا ، وهو انه قد صرح جملة من الأصحاب في الاعتذار عن جواز العمل بالأخبار الضعيفة في السنن بان العمل في الحقيقة ليس بذلك الخبر الضعيف وانما هو بالأخبار الكثيرة التي فيها الصحيح وغيره الدالة على ان من بلغه شيء من الثواب على عمل فعمله ابتغاء ذلك الثواب كان له وان لم يكن كما بلغه ، ومن الاخبار الواردة بذلك ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن بإبراهيم بن هاشم عن هشام بن سالم عن الصادق (عليهالسلام) (١) قال : «من سمع شيئا من الثواب على شيء من العمل فصنعه كان له وان لم يكن على ما بلغه». وفي بعضها (٢) «من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمله كان له أجر ذلك وان كان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) لم يقله». الى غير ذلك من الاخبار الكثيرة المذكورة في مظانها.
وقد اعترضهم في هذا المقام بعض فضلاء متأخري المتأخرين فقال بعد ذكر جملة
__________________
(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ١٨ من أبواب مقدمة العبادات.