خميصة بطونهم ، متغيّرة ألوانهم ، مصفرّة وجوههم ، إذا جنّهم الليل اتخذوا الأرض فراشاً ، واستقبلوا الأرض بجباههم كثير سجودهم ، كثيرة دموعهم ، كثير دعاؤهم ، كثير بكاؤهم ، يفرح الناس وهم ( محزونون ) (١) .
[ ٢١٥ ] ١٨ ـ محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد في ( الإِرشاد ) : عن سعيد بن كلثوم ، عن الصادق جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) قال : والله ما أكل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) من الدنيا حراماً قطّ حتّى مضى لسبيله ، وما عُرض له أمران ( كلاهما ) (١) لله رضاً إلّا أخذ باشدّهما عليه في دينه (٢) ، وما نزلت برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نازلة قطّ إلا دعاه ثقةً به ، ( وما أطاق أحد ) (٣) عمل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من هذه الأُمّة غيره ، وإن كان ليعمل عمل رجل ، كان وجهه بين الجنّة والنار يرجو ثواب هذه ويخاف عقاب هذه ، ولقد اعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه الله والنجاة من النار ممّا كدَّ بيديه ، ورشح منه جبينه ، وإن كان ليقوت أهله بالزيت والخلّ والعجوة (٤) ، وما كان لباسه إلّا الكرابيس (٥) ، إذا فضل شيء عن يده ( دعا بالجلم ) (٦) فقطعه ، وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبهاً به في لباسه وفقهه من علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، ولقد دخل أبو جعفر ( عليه السلام ) ابنه عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد ، فرآه قد اصفرَّ لونه من السهر ، ورمصت عيناه من البكاء ، ودبرت (٧) جبهته ، وانخزم (٨) أنفه من
__________________
(١) في المصدر : يحزنون .
١٨ ـ الإِرشاد : ٢٥٥ .
(١) في المصدر : قطّ هما .
(٢) في نسخة : بدنه ، منه قدّه .
(٣) في المصدر : وما ( أطاق ) قدر .
(٤) العجوة : ضرب من التمر يقال هو ما غرسه النبي ( صلى الله عليه وآله ) بيده ( لسان العرب ١٥ : ٣١ ) .
(٥) الكرابيس : جمع كرباس وهو القطن ( لسان العرب ٦ : ١٩٥ ) .
(٦) في المصدر : من كمه دعا بالمقراض ، والجلم : المقصّ ( لسان العرب ١٢ : ١٠٢ ) .
(٧)
الدبرة : قرحة تتكون من ملازمة الجلد لشيء خشن ، وتكون في جبهة الإِنسان من أثر
السجود