فتصير ملكا ، ثمّ تصير بزّيزى (١) قطع سبيل ، وسفك دماء ، وأخذ أموال بغير حقّها » (٢).
فإنّ كلامه كما ترى دالّ على ما قلناه من كفر بقيّة ملوك العرب ، وإن أخطأ في دعوى إرادة الاستخلاف للخلفاء الأربعة جميعا ؛ لما عرفت من عدم تمكين الثلاثة من الدين الذي ارتضاه ؛ ولأنّ الاستخلاف من الله تعالى إنّما هو لعليّ ، وأمّا غيره فإمامته بالاختيار.
ولنذكر كلام الرازي هنا ؛ لأنّ به وبردّه تمام المطلوب ، قال :
« المسألة الثامنة : دلّت الآية على إمامة الأئمّة الأربعة ؛ وذلك لأنّه تعالى وعد الّذين آمنوا وعملوا الصالحات من الحاضرين في زمان محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو المراد بقوله : ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) (٣) ، وأن يمكّن لهم دينهم المرضي ، وأن يبدلهم بعد الخوف أمنا.
ومعلوم أنّ المراد بهذا الوعد بعد الرسول هؤلاء ؛ لأنّ استخلاف غيره لا يكون إلّا بعده ..
ومعلوم أنّه لا نبيّ بعده ؛ لأنّه خاتم النبيّين ..
فإذا المراد بهذا الاستخلاف : طريقة الإمامة.
ومعلوم أنّ بعد الرسول الاستخلاف الذي هذا وصفه إنّما كان في أيّام أبي بكر وعمر وعثمان ؛ لأنّ في أيّامهم كانت الفتوح العظيمة ، وحصل
__________________
(١) البزّيزى ـ بكسر الباء وتشديد الزاي الأولى والقصر ـ : السلب والتّغلّب.
انظر : لسان العرب ١ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩ مادّة « بزز ».
(٢) الكشّاف ٣ / ٧٣.
(٣) سورة النور ٢٤ : ٥٥.