فيرد عليه : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أعلمهم به ، كما في هذه الرواية ونحوها ، وقد تواتر عندنا ، وإنّما لم يتواتر عندهم ؛ لأنّه على خلاف رأي ملوكهم.
وكيف لا يسأل عن ولاية عليّ وإمامته ، والإمامة كالنبوّة من أركان الإيمان وأصول الدين كما سبق (١)؟!
فإذا كان عليّ عليهالسلام هو المسؤول عن إمامته ، فيقال للميّت : من إمامك؟ ، كان هو الإمام لا من قبله ، وإلّا لوقع السؤال عنه بالأولويّة.
وأمّا ما رواه المصنّف رحمهالله عن ابن مسعود ، فيؤيّده أنّ الاستخلاف المذكور في قوله تعالى : ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ) مسند إلى الله تعالى ، وهو مطابق بظاهره لمذهبنا في الإمامة ، لا لمذهب القوم فيها ؛ فإنّها عندهم إنّما تثبت بالاختيار لا باستخلاف الله سبحانه ، مع أنّ الآية صريحة بتمكين الخليفة من دين الله الذي ارتضاه ، وهو فرع العلم بالدين كلّه ، والخلفاء الثلاثة ليسوا كذلك.
وأظهر منهم بعدم الإرادة ، بقيّة ملوك العرب ، كمعاوية ويزيد والوليد وأشباههم ، بل الظاهر دخولهم في قوله تعالى بعد هذا القول : ( وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (٢) كما بيّنه الزمخشري بقوله في تفسير الآية : « أنجز الله وعده ، وأظهرهم على جزيرة العرب ، وافتتحوا بعد بلاد المشرق والمغرب ، ومزّقوا ملك الأكاسرة ، وملكوا خزائنهم ، واستولوا على الدنيا ، ثمّ خرج الّذين على خلاف سيرتهم ، فكفروا بتلك النعم ، وفسقوا ، وذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثمّ يملّك الله من يشاء ،
__________________
(١) انظر : ج ٤ / ٢١١ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٢) سورة النور ٢٤ : ٥٥.