فكان من إتمام الله تعالى الحجّة عليهم أن أجراها على ألسنة أقلامهم ؛ لئلّا يقولوا يوم القيامة : ( إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ ) (١).
ولا يضرّها الطعن بالسند ؛ لصحّة الكثير منها عندهم ، واستفاضة أكثرها ـ مع ما بيّنّاه في المقدّمة (٢) ـ.
كما لا يضرّها توهين الدلالة ، فإنّ الكثير منها صريح الدلالة ، وما آفتها إلّا عناد المخاصمين ، كما عرفته في جملة ممّا سبق ، وتعرفه في حديث المنزلة والثقلين ونحوهما.
ولو نقلوا أحاديث فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام على وجهها ، لظهر لك كيف دلالتها على إمامته! حتّى إنّهم لم ينقلوا من نصّ الغدير إلّا اليسير ، وأخفوا أكثر ما فيه الصراحة الذي يقطع كلّ غافل بوجوده ؛ إذ لا يمكن أن يجمع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نحو مئة ألف من المسلمين ويقوم فيهم بحرّ الحجاز وقت الظهيرة على منبر يقام له من الأحداج (٣) ، ويخطبهم لداعي حضور أجله وهو لا يقول إلّا : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » (٤) ، أو بزيادة قليلة عليه ، ومع ذلك لا يريد إلّا بيان أنّ عليّا ناصر لمن كنت ناصره أو نحوه ، ما أظنّ أنّ عاقلا يرتضيه!!
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ : ١٧٢.
(٢) انظر : ج ١ / ٧ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٣) الأحداج : جمع الحدج : أي الحمل ، والحدج : من مراكب النساء يشبه المحفّة ، ويقال : أحداج وحدوج ، والحدوج : الإبل برحالها.
انظر : لسان العرب ٣ / ٧٧ مادّة « حدج ».
(٤) انظر : ج ١ / ١٩ ـ ٢٢ من هذا الكتاب.