ولا يعارض ذلك ما حكاه السيوطي ، عن الطبراني ، وابن مردويه ، عن سعد بن أبي وقّاص ، قال : « نزلت ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) ، فقدّمت شعيرة! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّك لزهيد » ، فنزلت الآية الأخرى : ( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ... ) » (١).
فإنّ خبر سعد إنّما يدلّ على شحّه ، وعدم قيامه بالصدقة المطلوبة ، لا على مناجاته ، لذا نزلت الآية الأخرى بعد قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم له : « إنّك لزهيد » ، فكان ممّن أشفق وتعلّق به اللوم والإنكار.
هذا ، ولا ريب بدلالة الآية الشريفة على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام دون غيره ممّن يقدر على الصدقة من الصحابة ، كالخلفاء الثلاثة ؛ وذلك لدلالتها على فضله عليهم ، وعلى معصيتهم بما يقتضي عدم صلوحهم للإمامة ، حتّى لو لم نعتبر العصمة في الإمام.
أمّا دلالتها على فضله ، فلمسارعته للطاعة وعدم تساهله في طلب العلم ، بخلاف غيره.
وأمّا على معصية من يقدر على الصدقة ، فلقوله تعالى : ( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) ، فإنّه إنكار ولوم ، وهو يقتضي المعصية .. وقوله تعالى : ( فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ ... ) ، فإنّ التوبة تستدعي المعصية .. وقوله تعالى : ( فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ
__________________
ـ « وأمّا أهل الميسرة فبخلوا ، واشتدّ ذلك على أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزلت الرخصة » ، ولم يذكر استثناءه للطوائف!
منه قدسسره.
(١) الدرّ المنثور ٨ / ٨٤ ، وانظر : المعجم الكبير ١ / ١٤٧ ح ٣٣١ ، مجمع الزوائد ٧ / ١٢٢.