وقال أيضا : أخرج ابن مردويه من وجه آخر ، عن عليّ ، قال : « قال رسول الله : ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) ، قال : عليّ » (١).
.. إلى غير ذلك ممّا حكي عن الثعلبي وجماعة (٢).
وحينئذ ، فالآية دالّة على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام من وجوه :
الأوّل : إنّها جعلت عليّا عليهالسلام شاهدا ، والمراد به : الشاهد على الأمّة ، بقرينة جعله تاليا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو يعطي الولاية على أمورهم ، كما قال تعالى : ( إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ) (٣) ..
وقال تعالى : ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ ) (٤).
الثاني : إنّها جعلت عليّا بعضا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « عليّ منّي ، وأنا من عليّ » (٥) ..
وهو دليل المشاركة في العصمة ، والفضل ، وسائر الصفات الحميدة ، فيكون الأحقّ بخلافته.
الثالث : إنّها جعلت عليّا تاليا للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فإنّ ضمير المفعول في ( يَتْلُوهُ ) مذكّر ، وهو على الظاهر عائد إلى ( فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ
__________________
(١) الدرّ المنثور ٤ / ٤١٠.
(٢) انظر : تفسير الثعلبي ٥ / ١٦٢ ، تذكرة الخواصّ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٩٤ ح ٣ ، فرائد السمطين ١ / ٣٣٨ ـ ٣٤١ ح ٢٦٠ ـ ٢٦٣.
(٣) سورة الفتح ٤٨ : ٨.
(٤) سورة النحل ١٦ : ٨٩.
(٥) تقدّم عن البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد ، وغيرهم ؛ فانظر : ج ٤ / ٣٠٧ ه ١ وص ٤٠٦ ه ١ من هذا الكتاب ؛ فراجع!