السكسونية ، لما كان بينهم من المودة والمخالطة وطلبوا منهم الإعانة على دفاع الأعداء فأنجدوهم ، لكنهم استأثروا عنهم بفائدة النصر فجعلوا الأهالي كالعبيد لهم وتملكوا عليهم ، وعندما أرادوا دفاعهم شتتوهم واستقلوا هم بالبلاد. ورحلت فرقة من أهالي انكلاتيره فارة بحياتها إلى أراضي فرنسا وسمي المكان الذي استعمروه منها بإسم برنيطانيا نسبة إليهم حيث كانوا من أهالي برنيطانيا ، وكان مبدأ استملاك السكسونية من سنة ٤٤٢ ميلادية ، ثم قسموا انكلاتيره إلى سبع ولايات تسمى بأسماء أعيانهم ولكل منها أمير ويرجع الجميع إلى ملك وهو أحدهم ، ونشأ عن ذلك منازعات في هاتيك السيادة دامت بسببها الحروب الداخلية وعندما فاز بها ملك ولاية كنت أحد السبع المذكورة ، دخلت في الأهالي الديانة النصرانية وذلك سنة ٥٩٦ وامتدت الهوينا فيهم إلى أن عمتهم.
وفي سنة ٨٢٧ زال استقلال سائر الولايات بدخولها جميعا تحت تملك ملك واسيكس وهو أغبرت وهو أول مستقل حقيقة بالجميع وأوّل ملك لإنكلاتيره جميعا من العائلة السكسونية وتوارثت الولاية أولاده ، وفي مدتهم هجم عليهم أهالي الدانيمرك وتملكوا أوّلا عدة جهات ثم عمت ولايتهم لكنها لم تطل ، واسترجع منهم ألفرد (١) الملك الأصلي من العائلة السكسونية بعض الجهات ، ثم عقد معهم صلحا ومعاهدة على الذب والإقدام واشترط عليهم الدخول في النصرانية ، ثم التفت إلى إصلاح البلاد من جهة التمدن ومن جهة القوات الحربية وأدمل جراحاتها ورقاها إلى أوج حسن ، ومع ذلك كان منكبا على التأليف والترجمة فأفاد أمته فوائد جسيمة وفتح لهم بابا من الحرية حتى كان من جملة حكمه التي جرت عندهم مثلا إلى الآن قوله يجب أن يكون الإنكليز أحرارا مثل أفكارهم ولمثل ذلك لقب هذا الملك بالفريد الكبير وكانت وفاته سنة ٩٠٠.
ومن مشاهير ملوك هاته العائلة حفيد المذكور اشليستان الذي أتم استخلاص المملكة من بقية الدنمرك ورقي قواته الحربية إلى أن رغب في موالاته غالب الملوك من أوروبا ، فعقد الصلح مع فرنسا وصاهر بأخته ملكها وبأخته الأخرى ملك ألمانيا ، ومن مشاهيرهم أيضا أرغرتوا المستولي سنة ٩٥٩ فإنه أبلغ القوات البحرية إلى درجة لم تعهد لهم في ذلك التاريخ حتى صارت سفنه أربعمائة سفينة ، وكان يتفقد بنفسه المملكة مرة في السنة وهو الذي قطع الذئاب منها كما مر آنفا ، ومنهم أيضاالملك أثريلد الذي كان سبب استيلاء الدنمرك على المملكة بقتله جميع من كان فيها منهم فافتتحوها بحروب ذريعة ، وتملك منهم على إنكلاتيره ثلاثة ملوك أشهرهم : الملك كانوت الذي عمم العدل والراحة حتى استطاع السفر عنها لزيارة البابا في رومية وكتب إلى عماله بما تعريبه : «إعلموا جميعا إني نذرت حياتي لله وأن لا أحكم في ممالكي إلا بالعدل وأن لا أفعل في كل أمر إلا المستقيم
__________________
(١) هو ألفرد الكبير (٨٤٩ ـ ٨٩٩) أشهر الملوك الأنكلوسكسون. سنّ الشرائع وشجع العلوم ومهّد للوحدة الإنكليزية. المنجد ص (٦٠).