أخرج منها جبرا بقيام أهل الصحراء عليه مع ولد التجيني في تخريبها ، ورجع لبلده تاقدمت واستقر فيها بحسب الإمكان ، ورامى نقض الصلح بينه وبين الدولة والدخول في حالة الميدان ، فأمر خليفته البوحميدي بالذهاب للدواير والزمالة يتكلم معهم على نقض الصلح في السر والإعلان ، وذهب هو لناحية بجاية في تلك السنة في شهر جوان ، واشتغل بجمع الجيش بقصد المحلابة والافتان :
ولما رجع من الجهة الشرقية استيقض من نومه وفطن من غفلته التي بها قد كان ، واطلع يقينا على أن الخلاط الواقع إنما هو بأسره من اليهودي بن دران ، فسقاه / كأس سم بمليانة واستراح من هم اليهودي كثير البهتان ، فيا ليته لو تمادى على الصلح وتعضد بالمخزن بأجمعه من أول حاله لكان من أهل الإحسان.
نقض معاهدة تافنة
قال ولنرجع بالكلام على البوحميدي فإنه لما وصل إلى الدواير والزمالة سأل منهم الإذعان للأمير ، فلم يقبل كلامه منهم إلا من كان نازل بقرب طاعة الأمير لما واعدهم بتبليغ مرادهم لدى الأمير فممن أذعن له من الدواير الحاج قادة بالغول ويحيى بن رحو والحاج بختي ولد الحشمية ، وممن أذعن له من الزمالة السي أحمد بن مختار وبن يحيى ولد يوسف وقدور بن شايلة قولة مروية.
ثم قدم الدوك دورليان ابن سلطان فرانسا لوهران في نصف ستانبر (كذا) من سنة تسع وثلاثين وثمانمئة وألف وذهب للجزائر ، واستولت الدولة على البيبان ومزاية في ثامن عشرين أكتبر (كذا) من تلك السنة بالتصاير. وفي العيد الكبير من تلك السنة نادى منادي الأمير بالجهاد ، فاجتمعت عليه خلفاؤه وأغواته وقياده بمليانة من سائر البلاد ، ثم هجم على متيجة فقتل كل ما فيها من عسكر الدولة وأضرمها نارا ، ولم يراع لها حرمة ولم يخش عارا ، وجاء البوحميدي ثانيا بمحلته لقرب وهران ، فتقاتل المخزن معه في ناحية وفي الناحية الأخرى مع الغرابة في صحيح البيان.
وفي الثاني والعشرين من شهر جانفي سنة أربعين وثمانمئة وألف الموافقة للعام السادس والخمسين ومئتين وألف ، حصل القتال الشديد بين المخزن