في كفّه خيزران ريحها عبق |
|
من كفّ أروع في عرنينه شمم |
يغضي حياء ويغضى من مهابته |
|
فما يكلّم إلّا حين يبتسم |
فليس قولك من هذا بضائره |
|
العرب تعرف من أنكرت والعجم |
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (١) ، حدّثني أبو النضر العقيلي ، أنا محمّد بن زكريا ، نا عبيد الله (٢) بن محمّد بن عائشة ، حدّثني أبي.
أن هشام بن عبد الله حجّ في خلافة عبد الملك أو الوليد ، فطاف بالبيت ، وأراد أن يستلم الحجر ، فلم يقدر عليه من الزحام ، فنصب له منبر ، فجلس عليه ، وأطاف به أهل الشام ، فبينا هو كذلك إذ أقبل عليّ بن حسين عليه إزار ورداء ، أحسن الناس وجها ، وأطيبهم رائحة ، بين يديه (٣) سجادة كأنها ركبة عنز (٤) فجعل يطوف بالبيت ، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحّى الناس له عنه حتى يستلمه هيبة له وإجلالا ، فغاظ ذلك هشاما ، فقال رجل من أهل الشام لهشام : من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فأفرجوا له عن الحجر؟ فقال هشام : لا أعرفه ، لئلا يرغب فيه أهل الشام ، فقال الفرزدق وكان حاضرا : لكني أعرفه ، فقال الشامي : من هو يا أبا فراس؟ فقال الفرزدق :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته |
|
والبيت يعرفه والحلّ والحرم |
هذا ابن خير عباد الله كلّهم |
|
هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم |
إذا رأته قريش قال قائلها : |
|
إلى مكارم هذا ينتهي الكرم |
ينمى إلى ذروة العزّ التي قصرت |
|
عن نيلها عرب الإسلام والعجم |
يكاد يمسكه عرفان راحته |
|
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم |
يغضي حياء ويغضى من مهابته |
|
فما يكلم إلّا حين يبتسم |
بكفّه خيزران ريحها عبق |
|
من كفّ أروع في عرنينه شمم |
قال (٥) أبو عبد الرّحمن : سرق الفرزدق هذا البيت من الحرّ بن الديلي.
قال القاضي : ويروى : في كفه جيهن ، وهو الخيزران (٦).
__________________
(١) الخبر والشعر في الجليس الصالح الكافي ٤ / ١٠٧ وما بعدها وتهذيب الكمال ١٣ / ٢٤٨ و ٢٤٩.
(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وتهذيب الكمال ، وفي الجليس الصالح : عبد الله.
(٣) في «ز» ، وم ، والمصدرين : عينيه.
(٤) كذا بالأصل و «ز» ، وتهذيب الكمال ، وغير مقروءة في م ، وفي الجليس الصالح : غير.
(٥) ما بين الرقمين كذا بالأصل وم و «ز» ، وليس في الجليس الصالح.
(٦) ما بين الرقمين كذا بالأصل وم و «ز» ، وليس في الجليس الصالح.