أعدت الصلاة ، فقال : لما سمعت منك فقلت : أحسب أنّي صرت (١) على زعمك كافرا بهذه المقالة ، فعلى أيّ مذهب تجب إعادة الصلاة إذا صلى الرجل بجنب كافر غير مقتد (٢) به؟ فقال : أنا أنصحك لا تذكر هذا الذي ذكرته لأحد غيري ، فإنك لو ذكرته قتلت.
قلت : أنا أقول إنّ الجدار مخلوق ، وإن السواد والبياض والجصّ مخلوق ولو قتلت.
ومرّ هذا الرجل ثم تفكّرت في حالي فخفت على نفسي بسبب مقالته ، فقمت طائفا في البلد أطلب فقيها على مذهب الشافعي رحمهالله ، فدلّوني على قاض (٣) من قضاتهم فحضرته وسلّمت عليه ، ثم سألت عن مذهبه فقال : شافعي ، ثم سألته عن مذهبه في الأصول ، فقال : ليس هذا وقته.
ثم جلست عنده إلى أن تفرّق الناس من عنده ، ثم سألته عن مذهبه في الأصول فقال : أنا على مذهب أهل الحق ، ولكن لا تظهر مذهبك لأحد ، فإنك لو أظهرت قتلت معي ، فذكرت القصة التي جرت لي ، فاستخبرني عن الرجل السائل ، فذكرت له العلامات.
فدعا بذلك الشاب وقال له : اعلم أن هذا الرجل على مذهب أصحابنا في الأصول وهو شافعي في الفروع كمثلي ، غير أنه ظنّ أن هذه البلدة يقولون في القرآن مثل ما يقول أهل ديلمان فذكر ذلك طلبا للوفاق لا أن ذلك من اعتقاده ، بل من اعتقاده أن القرآن قديم ، وأن الحروف والأصوات قديم ، [وأن الكتابة ، وأن الجدار قديم فقلت : صدق القاضي ، ومن مذهبي أن القرآن قديم](٤) ومن قال : إنه مخلوق ، فهو كافر بالله ، ومن مذهبي أن الجدار قديم وإنما (٥) قلت ذلك ظنا مني بأنكم تقولون بمقالة ديلمان ، ثم تفرقنا بعد أيام ، وأوصاني ذلك القاضي بأن لا نظهر هذا المذهب لأحد ، بل إذا سئلت عن النزول والروح والإيمان والتدين والقرآن فتقول : إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا مثل ما ينزل واحد منا من السرير وفي رجليه نعل من ذهب ، ويقولون في الروح والإيمان : إنهما قديمان ، ويقولون (٦) في القرآن مثل ما ذكرنا.
__________________
(١) «أني صرت» استدركت على هامش «ز» ، وبعدها كلمة صح.
(٢) بالأصل وم و «ز» : مقتدي.
(٣) الأصل وم و «ز» : قاضي.
(٤) الزيادة بين معقوفتين عن «ز» ، وم.
(٥) بالأصل وم : «ألا إنما» والمثبت عن «ز».
(٦) في «ز» وم : ويقول.