.................................................................................................
______________________________________________________
السببية في الوقت حاصلة وإن كان ذلك بالنذر ، لأنّا لا نعني بالسببية إلّا توجّه الخطاب إلى المكلّف عند حضور الوقت وهو حاصل هنا ، ولا يتصوّر مثل ذلك في المكان إلّا تبعاً ، وهذا حسن (١) ، انتهى. وفي نذر «المسالك» أنّ فيه نظراً ، لأنّ الوقت المعيّن بالنذر إذا كان مطلقاً كيوم الجمعة ، فتوجّه الخطاب إلى الناذر بالفعل عند دخول الجمعة ليس على وجه التعيين ، بل الأمر فيه كالنذر المطلق بالنسبة إلى العمر ، غايته أنّ هذا مختصّ بالجُمَع الواقعة في العمر ، فتوجّه الخطاب فيه على حدّ توجّهه على تقدير تعيين المكان من دون الزمان بل هنا أقوى ، لأنّ الخطاب متوجّه إليه بسبب صيغة النذر بأن يؤدّي الفعل في ذلك المكان ويسعى في تحصيله لقدرته عليه في كلّ وقت بحسب ذاته وإن امتنع بحسب أمر عارض على بعض الوجوه ، بخلاف الزمان فإنّه لا قدرة له على تحصيله ، وهما مشتركان في أصل تقييد العبادة المنذورة بهما فيجب تحصيلها على الوجه الّذي عيّنه والعبادة الخارجة عن قيديهما غير منذور ، وإنّما المنذور العبادة في ضمن القيد (٢) ، انتهى.
وقال في «الروض» : لو سلّم كون الوقت سبباً وإن كان النذر موجباً كإيجاب الأمر الأصلي الفعل على المكلّف لم يكن في ذلك دلالة على تعيين الزمان دون المكان. وأمّا تصيير الوقت المعيّن بالنذر وقتاً للعبادة كالوقت المنصوص فهو آتٍ في المكان المختصّ بالعبادة كالمقام مثلاً في صلاة الطواف ، فكما يثبت ذلك بالنصّ يثبت غيره بالنذر. فإن قيل : مكان صلاة الطواف مشتمل على مزيّة ، قلنا : أفعال الشارع كلّها مشتركة في المزايا ومعلّلة بالأغراض ، فتعليقة العبادة على وقت معيّن لو لم يكن ذلك الوقت مشتملاً على حكمة ومزيّة على غيره كان تخصيصه على غيره ترجيحاً من غير مرجّح ، وهو لا يليق بحكمة الشارع ، فيشترط في تعيّن وقت المنذور أيضاً المزية ولا يقولون به (٣).
__________________
(١) ذكرى الشيعة : في صلاة النذر ج ٤ ص ٢٣٥.
(٢) مسالك الأفهام : في النذر ج ١١ ص ٣٥٥.
(٣) روض الجنان : في صلاة النذر ص ٣٢٢ س ٢٩.