.................................................................................................
______________________________________________________
قلبك فخذ به ، وافتح المصحف فانظر إلى أوّل ما ترى فيه فخذ به إن شاء الله تعالى ، انتهى ما في الذكرى (١). ولعلّ المراد بالاستخارة هنا طلب العزم على ما فيه الخيرة ، فمعنى عدم توفيق الرأي له فى الشيء عدم حصول العزم له ، ولهذا أشار عليهالسلام بالإتيان بالاستخارة ثانياً لتعرف الخير حينئذٍ ، وخيّره في ذلك بين طريقين ، ومعنى «أوّل ما ترى فيه» أوّل ما يقع نظرك عليه من الآيات ، لا أوّل ما في الصفحة كما هو متعارف الآن ، كما نصّ على ذلك بعضهم (٢). وهو صريح الخبر الّذي هو الأصل في هذه الاستخارة.
ولعلّ المدار على ما يتبادر من لفظ الآية ولا عبرة بالمقام والسوق ، فلو أنّه وقع نظره على قوله عزوجل : (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) كما وقع لبعضٍ حيث استخار على المهاجرة لطلب العلم ، فوقع نظره على هذه الآية الكريمة ، فهاجر فوفّق لما أراد وبلغ المراد قلنا له استخارتك حسنة جيّدة ، ولا نعتبر المقام ، لأن كان مقام استهزاء فنقول هي غير جيّدة ، لكن ملاحظة المقام إنّما هي للعارف الخرّيت الماهر فإنّه إذا لا حظها ظهر له من ذلك الأسرار الغريبة.
فإن قلت : قد روي في «الكافي» عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «لا تتفأّل بالقرآن» (٣).
قلت : قال في «الوافي» : إن صحّ الخبران ، أمكن التوفيق بينهما بالفرق بين التفاؤل والاستخارة فإنّ التفاؤل إنّما يكون فيما سيقع ويتبيّن الأمر فيه كشفاء مريض أو موته ووجدان الضالّة أو عدمه وما له إلى تعجيل تعرّف ما في علم الغيب ، وقد ورد النهي عنه وعن الحكم فيه بتّة لغير أهله وكره النظر (التطيّر خ ل) في مثله بخلاف الاستخارة فإنّها طلب لمعرفة الرشد في الأمر الّذي اريد فعله
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٦ من أبواب الاستخارة ح ١ ج ٥ ص ٢١٦ وفيه «أبي علي اليسع» وفي التهذيب : ج ٣ ص ٣١٠ ح ٦ «عن أبي علي اليسع القمي».
(٢) بحار الأنوار : باب الاستخارة والتفاؤل بالقرآن المجيد ج ٩١ ص ٢٤٤.
(٣) الكافي : باب النوادر من كتاب فضل القرآن ح ٧ ج ٢ ص ٦٢٩.