أمّا بعد ، فهذا كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام ، لخّصت فيه لبّ الفتاوى خاصّة وبيّنت فيه قواعد أحكام الخاصّة إجابة لالتماس أحبّ الناس إليّ وأعزّهم عليَّ وهو الولد العزيز محمّد الّذي أرجو من الله تعالى طول عمره بعدي وأن يوسّدني في لحدي وأن يترحّم عليّ بعد مماتي كما كنت أخلص له الدعاء في خلواتي ، رزقه الله تعالى سعادة الدارين وتكميل الرياستين ،
______________________________________________________
أن يوفّقني لإتمام هذا الكتاب وأن يمنّ عليّ بفضله بالهداية والصواب وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعني به يوم الدين وأن يجعله تذكرة للعالمين وتبصرة للمتعلّمين إنّه أرحم الراحمين.
وقد امتثلت أمر سيّدي واستاذي ومن عليه بعد الله سبحانهُ وأوليائه صلّى الله عليهم معوّلي واعتمادي الإمام العلّامة المعتبر المقدّس الحبر الأعظم الشيخ (١) جعفر ، جعلني الله تعالى فداه وأطال الله تعالى للمؤمنين بقاءه.
__________________
(١) هو الشيخ جعفر بن الشيخ خضر الحلّي ثمّ النجفي ، استاذ السيّد محمّد جواد العامليّ مؤلّف كتاب مفتاح الكرامة والشيخ محمّد حسن صاحب الجواهر وصاحب الإشارات والمنهاج والسيّد صدر الدين العاملي والشيخ محمد تقي صاحب حاشية المعالم أو شرحه وصاحب مطالع الأنوار وغيرهم من الأعلام.
كان إماماً في الفقه بل إمام الفقهاء في عصره وكفى له تعريفاً كتابه كشف الغطاء الذي كتبه في طيّ سفره إلى الحجّ والمشهور أنّه لم يكن معه حين تأليفه غير كتاب قواعد العلّامة رحمهالله. وحكي عنه أنّه قال : لو فُقد جميع الفقه بمداركه ومتونه لكنت قادراً على كتابته بتمامه من صفحة الخاطر.
وقد تلمّذ على عدّةٍ من الفقهاء ، أشهرهم الوحيد البهبهاني والشيخ مهدي الفتوني.
ومن مشخّصاته البارزة أنّه لأجل التزامه الشديد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شرع في أسفار عديدة بعيدة إلى بلادٍ كثيرة قاصية وكان كلّما وصل إلى بلدٍ صعد على المنبر وأخذ بالوعظ والخطابة ووعظ الناس وحرضهم على التباعد عن الذنوب والمعاصي والأخذ بالأحكام والسنن المحمّديّة ولأجل ذلك كان رحمهالله قد أجهر نفسه بالميل إلى المتعة وكان يستدعي من مُضيّفه تحصيلها ترغيباً للناس عليها.