أهل تميم لهما : هل مرض صاحبنا مرضا طويلا ، أنفق فيه نفقة كثيرة؟
فقالا : لا ، ما مرض إلّا أيّاما قلائل.
قالوا : فهل سرق منه شيء في سفره هذا؟
قالا : لا.
قالوا : فهل اتّجر تجارة خسر فيها؟
قالا : لا.
قالوا : فقد افتقدنا أفضل شيء كان معه آنية منقوشة بالذّهب مكلّلة بالجوهر وقلادة.
فقال : ما دفع إلينا ، فقد أدّيناه إليكم. فقدّموهما إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأوجب [رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (١) عليهما اليمين. فحلفا ، فخلّى عنهما. ثمّ ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما. فجاء أولياء تميم إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقالوا : يا رسول الله ، قد ظهر على ابن بيدي وابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما ، فانتظر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من الله ـ تعالى ـ الحكم في ذلك. فأنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ). (الآية).
فأطلق الله ـ تعالى ـ شهادة أهل الكتاب على الوصيّة فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلمين (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ). فهذه الشّهادة الأولى الّتي جعلها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) ، أي : أنّهما حلفا على كذب (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما) ، يعني : من أولياء المدّعي. (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ) يحلفان بالله ، إنّهما أحقّ بهذه الدّعوى منهما. وإنّهما قد كذبا فيما حلفا بالله (لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) ..
فأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أولياء تميم الدّاريّ ، أن يحلفوا بالله على ما
__________________
(١) من المصدر.