وقيل : معناه : أنّه «فقير لقوله ـ تعالى ـ : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ)» (١) (فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ).
وفي عيون الأخبار (٢) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع سليمان المروزيّ ، بعد كلام طويل له ـ عليه السّلام ـ في إثبات البداء ، وقد كان سليمان ينكر ، ثمّ التفت إلى سليمان فقال : أحسبك (٣) ضاهيت [اليهود في هذا الباب.
قال : أعوذ بالله من ذلك ، وما قالت اليهود] (٤).
قال : قالت اليهود : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) ، يعنون : أنّ الله قد فرغ من الأمر ، فليس يحدث شيئا. فقال ـ عزّ وجلّ ـ : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا) ..
وفي كتاب التّوحيد (٥) ، بإسناده إلى إسحاق بن عمّار ، عمّن سمعه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) لم يعنوا : أنّه هكذا. ولكنّهم قالوا : قد فرغ من الأمر ، فلا يزيد ولا ينقص. وقال الله ـ جلّ جلاله ـ تكذيبا لقولهم : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ). ألم تسمع الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).
(غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا) : دعاء عليهم بالبخل والنّكد. أو بالفقر والمسكنة. أو بغلّ الأيدي حقيقة ، يغلّون أسارى في الدّنيا ومسحبين إلى النّار في الآخرة.
فتكون المطابقة ، من حيث اللّفظ وملاحظة الأصل. كقولك : سبّني ، سبّ الله دابره.
(بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) : ثنّى اليد مبالغة في الرّدّ ، ونفى البخل عنه ، وإثباتا لغاية الجود فإنّ غاية ما يبذله السّخيّ من ماله أن يعطيه بيديه ، وتنبيها على منح الدّنيا والآخرة وعلى ما يعطى للاستدراج وما يعطى للإكرام.
وفي كتاب التّوحيد (٦) ، بإسناده إلى أبي عبد الله بن قيس ، عن أبي الحسن الرّضا
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) عيون أخبار الرضا ـ عليه السّلام ـ ١ / ١٤٦ ، ح ١.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أمسك.
(٤) ليس في ر.
(٥) التوحيد / ١٦٧ ، ح ١.
(٦) نفس المصدر / ١٦٨ ، ح ٢.