وكذلك لو كان الزمان مختصّا بوصف أو بغير ذلك من أنواع الاختصاص ، لم يقع خبرا للجثث لما ذكرنا من أنه لا فائدة فيه ، وما جاء من ذلك فمؤوّل ، فقد حكي من كلامهم : «اليوم خمر وغدا أمر» (١) ، ومن كلامهم أيضا : «الجباب شهرين ، والثلج شهرين» ، وقال الشاعر [من الرجز] :
٢٣٠ ـ أكلّ عام نعم تحوونه |
|
يلقحه قوم وتنتجونه |
______________________
(١) هذا القول من أمثال العرب ، وقد ورد في أمثال العرب ص ١٢٧ ؛ وتمثال الأمثال ص ٣١٠ ؛ وجمهرة الأمثال ص ٢٧٢ ، ٤٣١ ؛ وجمهرة اللغة ص ٥٥٣ ؛ وخزانة الأدب ١ / ٣٣٢ ، ٨ / ٣٥٦ ؛ والعقد الفريد ٣ / ٣٢٠ ؛ وكتاب الأمثال ص ٣٣٣ ؛ وكتاب الأمثال للسدوسي ص ٦٨ ؛ والمستقصى ١ / ٣٥٨ ؛ ومجمع الأمثال ٢ / ٤١٧ ، ٤٢١.
والمثل قاله امرؤ القيس حين أخبر بمقتل والده ، وهو يضرب في تنقّل الدهر بحالاته.
٢٣٠ ـ التخريج : الرجز لقيس بن حصين في خزانة الأدب ١ / ٤٠٩ ؛ والكتاب ١ / ١٢٩ ؛ ولصبي من بني سعد قيل إنه قيس بن الحصين في المقاصد النحوية ١ / ٥٢٩ ؛ ولرجل ضبي في الأغاني ١٦ / ٢٥٦ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ١٠٢ ؛ وتخليص الشواهد ص ١٩١ ؛ والرد على النحاة ص ١٢٠ ؛ ولسان العرب ١٢ / ٥٨٥ (نعم) ؛ واللمع في العربيّة ص ١١٣.
اللغة : النعم : الإبل والشّاء. تحوونه : تملكونه وتضمّونه. يلقحه : يجعله لاقحا حاملا. تنتجونه : تتولّون وضعه ؛ ونتجت الناقة إذا ولّدتها.
المعنى : أتضمّون الإبل والشاء في كل عام بعد ما سهر عليها قوم حتى غدت لواقح ، ثم تأتون أنتم فتولّدونها ؛ وهي إشارة إلى ما يستولون عليه في غاراتهم على الأقوام الأخرى.
الإعراب : «أكلّ» : «الهمزة» : حرف استفهام ، «كل» : ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بمحذوف خبر مقدّم. «عام» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «نعم» : مبتدأ مؤخّر مرفوع بالضمّة. «تحوونه» : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. «يلقحه» : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. «قوم» : فاعل «يلقحه» مرفوع بالضمة. «وتنتجونه» : «الواو» : للعطف ، «تنتجون» : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به.
وجملة «أكلّ عام نعم» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «تحوونه» : في محلّ رفع صفة لـ «نعم». وجملة «يلقحه» : في محلّ رفع صفة لـ «نعم». وجملة «تنتجونه» : معطوفة على جملة في محلّ رفع.
الشاهد فيه قوله : «أكلّ عام نعم» حيث حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، والأصل «إحراز نعم» أو «حواية نعم».