فإن قيل : من أي أقسام البدل هذا؟ فالجواب : إنّه من باب بدل الشيء من الشيء ، فإن قيل : فـ «زيد» ليس بالجملة التي هي «أبو من هو» ، فالجواب : إنّ ذلك على مضاف محذوف تقديره : عرفت قصة زيد أبو من هو ، والقصة هي الجملة.
[٩ ـ ما يجوز في الاسم المستفهم عنه] :
ويجوز في الاسم المستفهم عنه الرفع على التعليق والنصب على الإعمال ، كما تقدّم إلّا مع «أريتك» ، من قول العرب : «أريتك زيدا أبو من هو» ، فإنّ العرب التزمت في الاسم النصب ، وذلك أنّ «رأيت» وإن كانت بمعنى «علمت» فإنّ العرب أدخلتها معنى «أخبرني» ، ألا ترى أنّ المعنى : أخبرني أبو من زيد ، فلما دخلها معنى «أخبرني» ، و «أخبرني» لا تعلق لأنّه ليس من أفعال القلوب [لم تعلق هي].
وانفردت أيضا أفعال القلوب بجواز تضمّنها معنى القسم ، فإذا فعل بها تلقيت بما يتلقى به القسم ، فتقول : «علمت ليقومنّ زيد» ، و «ظننت لقد قام عمرو» ، كما تقول : «والله ليقومنّ زيد» ، و «والله لقد قام عمرو».
ولا يخلو أن يكون الفعل المضمّن معنى القسم متعدّيا أو غير متعدّ فإن كان غير متعدّ فلا موضع لجملة الجواب من الإعراب ، نحو قولك : «بدا لي ليقومنّ زيد». قال الله تعالى : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) (١) ، فقولك : «ليقومنّ زيد» لا موضع له من الإعراب ، لأنّ «بدا» لا يتعدّى.
وإن كان متعدّيا ، نحو : «علمت ليقومنّ زيد» ، و «عرفت ليخرجنّ عمرو» ، ففي ذلك خلاف بين النحويين. منهم من يجعل الجملة نائبة مناب معمول الفعل. فإن كان الفعل يتعدّى إلى مفعولين ، نحو : «علمت» ، كانت الجملة في موضع المفعولين ، وإن كان يتعدى إلى واحد ، نحو : «عرفت» ، كانت الجملة في موضع ذلك المفعول.
ومنهم من يجعل الجملة لا موضع لها من الإعراب ، لأنّ الفعل وإن كان متعدّيا قد ضمّن معنى ما لا يتعدّى ، فلذلك لم يتعدّ ، كما أنّ «أنبأت» وإن كانت في الأصل لا تتعدّى لما ضمّنت معنى ما يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين تعدّت تعدّيه ، وهذا هو الصحيح عندي.
______________________
(١) يوسف : ٣٥.