فـ «مناخة» ليس بخبر بل هو منصوب على الحال ، و «تنفك» تامة ، فيكون المعنى : ما تنفكّ ، أي : ما يزال بعضها عن بعض لأنّها متّصلة إما للتباري في السير ، أو لأنّها مقطّرة مربوطة بعضها ببعض ، فإذا أنيخت زالت عن الاتصال فلا تنفك إلّا في حال إناختها على الخسف وهو حبسها على غير علف ، يريد أنّها تناخ بعد السير عليها فلا ترسل من أجل ذلك في المرعى ، و «أو» بمعنى «إلى أن» ، كأنّه قال : هي في حال الإناخة إلى أن نرمي بها بلدا قفرا ، وسكّن الياء ضرورة.
ويحتمل أن يريد : ما تنفكّ عن تعب السير إلّا في حال إناختها إلى أن نرمي بها بلدا قفرا ، فحذف الصفة لفهم المعنى.
[١١ ـ اجتماع اسمين بعدها] :
وإذا اجتمع في هذا الباب اسمان ، فإمّا أن يكونا معرفتين أو نكرتين ، أو معرفة ونكرة ، فإن كان معرفتين جعلت الذي تقدّر أنّ المخاطب يعلمه الاسم ، والذي تقدّر أنّ المخاطب يجهله الخبر ، فتقول : «كان زيد أخا عمرو» ، إذا قدّرت أن مخاطبك يعلم زيدا ولا يعلم أنّه أخو عمرو ، فإن قدّرته يعلم أخا عمرو ولا يعلم أن اسمه «زيد» ، قلت : «كان أخو عمرو زيدا».
وزعم ابن الطراوة أنّ الذي تريد إثباته تجعله الخبر والذي لا تريد إثباته تجعله الاسم ، فعلى هذا تقول : «كانت عقوبتك عزلتك» ، إذا كنت قد عزلت ولم تعاقب ، و «كانت عزلتك عقوبتك» ، إذا كنت قد عوقبت ولم تعزل.
ومن ذلك قوله [من الطويل] :
٢٥٥ ـ وكان مضلّي من هديت برشده |
|
فلله غاو عاد بالرّشد آمرا |
______________________
ـ وجملة «هي حراجيج» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «ما تنفك» : في محلّ رفع صفة لـ (حراجيج). وجملة «نرمي بها» : صلة الموصول الحرفي.
والشاهد فيه قوله : «ما تنفكّ إلا مناخة» حيث دخلت «إلا» على خبر (ما تنفكّ) ، وهذا غير جائز ، وفي تخريج الشاهد آراء عدة أورد المؤلف بعضها بالإضافة إلى الوجه الذي جعلناها فيه زائدة.
٢٥٥ ـ التخريج : البيت لسواد بن قارب في الدرر ٢ / ٥٠ ، ٧٢ ؛ وبلا نسبة في همع الهوامع ١ / ١١٢ ، ١١٩.