إذا قلت : «زيد قام» ، فإنّ ذلك يحتمل الصدق والكذب ، وليس كذلك : «زيد اضربه» ، و «زيد لا تضربه» ، وأمثالهما.
فالجواب : إنّ المفرد قد يكون خبرا وإن لم يكن منه مع المبتدأ كلام محتمل للصدق والكذب ، نحو : «أيّ رجل أخوك»؟ و «كيف زيد»؟ وأمثال ذلك.
وأما الظروف والمجرورات فيشترط فيها أن تكون تامة ، والتامة هي التي يكون في الإخبار بها فائدة. ولا بد من إعطاء قانون تعرف به ما السبب في أن كان بعض الظروف ناقصا وبعضها تامّا.
فالظروف كما تقدم لا تكون أخبارا إلّا بنيابتها مناب الخبر ، فينبغي أن تعلم أنّ الخبر لا يجوز حذفه وإقامة الظرف أو المجرور مقامه إلا إذا كان الحذف يفهم منه المحذوف ، وإلّا فلا بدّ من ذكر الخبر ، فعلى هذا يجوز أن تقول : «زيد في الدار» إذا أردت : «مستقرّ في الدار» ، لأنّ «في» للوعاء ، فمعناها موافق الاستقرار ، فلو قلت : «زيد في الدار» ، على معنى ضاحك في الدار لم يجز بل لا بدّ من الإتيان بـ «ضاحك» ، لأنّه لا يعلم من «في» أنّ المحذوف ضاحك كما يعلم منها الاستقرار وكذلك تقول : «زيد لك» ، إذا أردت مملوكا أو مستحقا لك ، لأنّ الملك والاستحقاق مفهوم من اللام ، ولو قلت : «زيد لك» ، تريد : محبّ لك ، لم يجز لأنّ ذلك لا يفهم من اللام. فإذا كان الحرف له معنى صالح مع كل شيء على السواء ، وليس هو في أحد المعاني أظهر من الآخر كان المجرور به أبدا ناقصا ، وذلك نحو : «زيد بك» ، لا يجوز لأنّه لا يعلم هل المراد : زيد واثق بك أو مسرور بك أو غير ذلك ، لأنّ الباء معناها الإلصاق ، فهي صالحة مع كل محذوف ، لأنّها تلزقه بالمجرور.
وأما الظروف فإنّ الذي يحذف معها أبدا الاستقرار ، وذلك أنّ كلّ ظرف فهو على تقدير «في» بدليل أنّك تردّها في ضمير الظرف ، فتقول : «يوم الجمعة قمت فيه» ، و «في» لا يحذف معها كما تقدّم إلّا الاستقرار أو ما في معناه ، فلذلك تقول : «زيد خلفك» ، إذا أردت : «مستقرّ خلفك» ، ولو أردت «ضاحكا» أو غيره لم يجز إلّا أن تأتي به ، ولذلك لم تكن ظروف الزمان أخبارا عن الجثث ، لأنّك لو قتل : «زيد اليوم» تريد : مستقرّ اليوم ، لم يكن مفيدا ، لأنّه معلوم أنّ كلّ موجود فإنّ «اليوم» يكون زمانا له ، لأنّ الجزء الواحد من الزمان يكون زمانا لجميع الموجودات ، وليس كذلك المكان.