«اشتريت هذا المكان إلى الشجرة».
فمنهم من ذهب إلى أنّ الشجرة داخلة في الشراء ، ومنهم من ذهب إلى أنّ الشجرة غير داخلة في الشراء.
والصحيح أنّها غير داخلة في الشراء وعلى ذلك أكثر المحققين من النحويين. وذلك أنّه إذا اقترنت قرينة بما بعدها فإنّ الأكثر في كلامهم أن يكون ما بعدها غير داخل فيما قبلها ، وقد يكون بخلاف ذلك ، فإذا عري ما بعدها عن القرينة وجب الحمل على الأكثر.
وأيضا فإنّها لانتهاء الغاية ، فإذا قلت : «اشتريت المكان إلى الشجرة» ، فما بعد «إلى» هو الموضع الذي انتهى إليه المكان المشترى ، فلا يتصوّر بذلك أن تكون الشجرة من المكان المشترى ، لأنّ الشيء لا ينتهي ما بقي منه شيء. فكيف يتصور أن تكون الشجرة هي التي انتهى إليها المكان مع أنّها بعضه ، إلّا أن يتجوز في ذلك فيجعل ما قرب من الانتهاء انتهاء.
فإذا لم يتصوّر أن يكون ما بعدها داخلا فيما قبلها إلّا مجازا وجب أن يحمل على أنّه غير داخل فيما قبلها ، لأن الكلام لا يحمل على المجاز ما أمكنت الحقيقة ، إلا أن يكون في الكلام كما تقدم قرينة ، فتكون تلك القرينة مرجّحة لجانب المجاز على جانب الحقيقة.
[١٠ ـ معاني «ربّ»] :
وأمّا «ربّ» فمعناها عند المحقّقين من النحويين التقليل ، فإذا قلت : «ربّ رجل عالم لقيت» ، فكأنّك قلت : قد لقيت من صنف الرجال العلماء وليس من لقيته بالكثير. ومثال ذلك قوله [من الطويل] :
٣٥٣ ـ ألا ربّ مولود وليس له أب |
|
وذي ولد لم يلده أبوان |
وذي شامة غرّاء في حرّ وجهه |
|
مجلّلة لا تنقضي لأوان |
______________________
٣٥٣ ـ التخريج : البيتان لرجل من أزد السراة في شرح التصريح ٢ / ١٨ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٧ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٢ ؛ والكتاب ٢ / ٢٦٦ ، ٤ / ١١٥ ؛ وله أو لعمرو الجنبي في خزانة الأدب ٢ / ٣٨١ ؛ والدرر ١ / ١٧٣ ، ١٧٤ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٣٩٨ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٣٥٤ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ١٩ ؛ والجنى الداني ص ٤٤١ ؛ والخصائص ٢ / ٣٣٣ ؛ والدرر ٤ / ١١٩ ؛ ورصف المباني ص ١٨٩ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٢٩٨ ؛ وشرح المفصل ٤ / ٤٨ ، ٩ / ١٢٦ ؛ والمقرب ١ / ١٩٩ ؛ ومغني اللبيب ١ / ١٣٥ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٥٤ ، ٢ / ٢٦.