ولا يعتبر فيما يأتي به من باب الاحتياط أزيد من ذلك جزما ، فمن علم بأنّه يجب عليه كفّارة مردّدة بين الصوم والعتق ، لا يجب عليه تأخير العتق إلى اليوم كي يعلم بتنجّز التكليف بالخروج عن عهدة ذلك التكليف المعلوم بالإجمال ، بل عليه أن يأتي بكلّ من طرفي الشبهة في وقته الذي يعلم بكونه وقتا له على تقدير كونه هو المكلّف به.
ودعوى أنّه يجب أن يكون حين الإتيان بكلّ من أطراف الشبهة عالما بتنجّز التكليف بذلك الواجب المعلوم بالإجمال على كلّ تقدير ، عريّة عن الشاهد ، بل الشواهد قاضية بخلافه.
ولو نوى من أوّل الأمر الاقتصار على بعض الجهات ، صرّح غير واحد ببطلان صلاته وإن انكشف بعد الصلاة مطابقته للواقع ، بل ظاهرهم كونه من المسلّمات ؛ لانتفاء الجزم في النيّة ، المعتبر في صحّة العبادة.
وفيه تأمّل يظهر وجهه ممّا أسلفناه في نيّة الوضوء عند البحث عن اعتبار الجزم في النيّة ، فراجع (١).
ولو قصد الإتيان بالكلّ وانكشف بعد الإتيان ببعض المحتملات مصادفته للواقع ، أجزأه ذلك ، ولا تجب إعادته ، كما لا يجب الإتيان بباقي المحتملات ، بل لا يشرع.
وعن بعض أنّه لا يجزئ ؛ مستدلّا عليه بأنّ امتثال الأمر بالصلاة إلى القبلة
__________________
(١) ج ٢ ، ص ١٦٠ وما بعدها.