تشخيص الموضوع ، لا في أصل الحكم ؛ كي يتّجه ما قيل من الاقتصار على القدر المتيقّن الذي انعقد عليه الإجماع.
هذا ، مع عدم انحصار مستند الحكم في الإجماع ؛ لإمكان استفادة وجوب الستر من جملة من الأخبار وإن لم تكن مسوقة لبيان هذا الحكم من حيث هو.
مثل : ما ورد (١) في العاري الذي لم يجد ثوبا من الأمر بستر عورته بما يجده من حشيش ونحوه ، وغير ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع.
ولكن لقائل أن يقول : إنّه لا يكاد يستفاد من مثل هذه الأخبار أزيد من وجوب الستر في الجملة ، وهو ممّا لا كلام فيه.
وأمّا الستر مطلقا ـ أي لونا وحجما ـ فلا يفهم اعتباره من مثل هذه الأدلّة ، بل لو كان لنا دليل مطلق مسوق لبيان هذا الحكم ، لأمكن الخدشة في دلالته على وجوب ستر الحجم : بأنّ المتبادر عرفا من الأمر بستر شيء ليس إلّا إرادة ستر ذلك الشيء على وجه لا يدرك بحسّ البصر ، مع قطع النظر عن القرائن الخارجيّة المشخّصة له أنّه ذلك الشيء بأن يختفي ذلك الشيء عن أعين الناظرين بحيث لا يميّزونه بعنوانه المخصوص به ، لا إخفاؤه رأسا على وجه ينافيه رؤية شكله من وراء الستر من غير أن يتميّز بها حقيقته الموقوف معرفتها على إدراك أوصافه الخاصّة ، لا عوارضه العامّة.
والحاصل : أنّ المتبادر من الأمر بستر شيء ستره بعنوانه المخصوص به ، فمجرّد رؤية المرأة من بعيد من خلف الستر من غير أن يتميّز بواسطة الرؤية من
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٦٥ / ١٥١٥ ، الوسائل ، الباب ٥٠ من أبواب لباس المصلّي ، ح ١.