ذلك ، فإنّ مرجع هذا النحو من الشرائط إلى مانعيّة الجهات العارضة للفعل عن صحّته ، ووقوعه عبادة ؛ لكونها موجبة لاندراج الفرد الخارجي في الموضوع المحرّم ، فيقبح طلبه بحكم العقل ، فمن هنا ينشأ الاشتراط ، فهو يدور مدار قبح الطلب ، وذلك متفرّع على صلاحيّة الجهات العارضة للتأثير في قبح الفعل والمزاحمة لما فيه من المصلحة المقتضية لحسن طلبه ، وهي لا تصلح لذلك إلّا مع العمد والالتفات ؛ لأنّه متى لم يلتفت إلى جهاته المقبّحة له أو لم تكن اختياريّة له لا يتّصف فعله من حيث صدوره منه إلّا بالحسن ؛ لأنّ الأفعال الاختياريّة الصادرة من المكلّف إنّما يعرضها الحسن والقبح بلحاظ جهاتها المقصودة وعناوينها الاختياريّة ، فالصلاة الصادرة ممّن لا يعلم بغصبيّة ثوبه ويزعم إباحته لا تكون إلّا حسنة ، فيحسن طلبها ، ويجتزئ بها في مقام الامتثال.
لا يقال : إنّ المصاديق التي يتحقّق بها العناوين المحرّمة مشتملة على مفسدة قاهرة ، وإلّا لجاز فعلها مع العمد والالتفات أيضا والمفروض أنّه لا يجوز ، فالصلاة الواقعة في المغصوب مفسدتها فائقة على مصلحتها ، فكيف يأمر بها الشارع الحكيم!؟ مع أنّ أحكامه لدينا منوطة بالمصالح والمفاسد النفس الأمريّة.
لأنّا نقول : إنّما يقبح أن يأمر الحكيم بما فيه مفسدة قاهرة إذا كان أمره موجبا للوقوع في تلك المفسدة ، وأمّا إذا كان وقوعه فيها مسبّبا عن سبب آخر يعذر فيه المكلّف ولا يتّصف فعله من حيث صدوره منه بالقبح ، فلا مانع من الأمر بإيقاعه على بعض الوجوه المحسّنة له ، كما لو شرب الخمر بزعم أنّه ماء ، فإنّه لا يقبح على الشارع أن يأمره بأن يراعي في فعله الآداب الموظّفة في الشرب ، بل قد يجب ذلك بناء على قاعدة اللطف ، فكذلك لا مانع من أن يكلّف بفعل