فظهر بما ذكرنا أنّ ما ذكره صاحب المدارك (١) في تقريب الاستدلال لبطلان الصلاة في الساتر المغصوب لا يخلو عن مناقشة ، وإنّما يتمّ هذا الدليل على تقدير كون فعل الستر من حيث هو مأخوذا في قوام ماهيّة الصلاة ، فهو حينئذ من أجزائها ، لا من الشرائط ، فكأنّ المصنّف رحمهالله نظر إلى ذلك في عبارته المتقدّمة (٢) عن المعتبر حيث ساقه في سلك الأجزاء ولم يعدّه من الشرائط.
فما ذكره المصنّف رحمهالله في تقريب الاستدلال متين ، ولكن يتوجّه عليه المناقشة المتقدّمة (٣) من منع كون الستر من الأجزاء ، بل هو من الشرائط ؛ إذ لم يعتبره الشارع في ماهيّة الصلاة من حيث كونه فعلا صادرا من المكلّف ، بل من حيث حصوله حالها ، ولذا لا يعتبر فيه القصد والمباشرة ونحوها ممّا هو معتبر في أجزاء العبادة ، فليتأمّل.
وكيف كان فالأقوى عدم الفرق بين الساتر وغيره ، والحقّ بطلان الصلاة الواقعة في المغصوب مطلقا ولو في مثل خيط ، كما صرّح به بعض (٤) ، فضلا عن الثياب التي لبسها المصلّي ؛ لأنّ الحركات الواقعة فيه الحاصلة بفعل الصلاة منهيّ عنها ؛ لأنّها تصرّف في المغصوب ، والنهي عن الحركات نهي عن القيام والقعود والركوع والسجود و، هو جزء الصلاة ، فيفسد ؛ لأنّ النهي في العبادة يقتضي الفساد ، كما سنوضّحه ، فتكون الصلاة فاسدة ؛ لفساد جزئها.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ١٨٢.
(٢) في ص ٣٥٢ ـ ٣٥٣.
(٣) في ص ٣٥٣.
(٤) الشهيد في البيان : ١٢١.