يقتصر في تقييدها على مقدار دلالة الدليل ، فلو أمر المولى عبده بعمل في مدّة ولم يرض بمخالفته ، فألحّ عليه العبد في أن يعذره في المخالفة حتى رضي المولى بذلك في بعض تلك المدّة ، يصير أمره بالمقايسة إلى الوقت الذي رخّصه في المخالفة فيه استحبابيّا ، وبالنسبة إلى ما عداه وجوبيّا ، فالمنع المتعلّق في الموثّقة بالصلاة في غير المأكول ينزّل بالنسبة إلى السنجاب وغيره ـ ممّا ثبتت الرخصة فيه ـ على الكراهة ، وفيما عداه يحمل على ظاهره من الحرمة.
وإلى ما ذكرنا (١) في تفسير الوجوب والحرمة ومقابليهما يؤول كلام من فسّر الوجوب بطلب الفعل مع المنع عن الترك ، والحرمة بالعكس ، ومقابليهما بالطلب المجامع للإذن في النقيض ؛ لأنّ أخذ المنع من النقيض قيدا في مفهوم الأوّلين ممّا لا يرجع إلى محصّل ؛ لأنّ المنع عن النقيض عبارة أخرى عن مطلوبيّة نقيض النقيض ، وهو عين ما تعلّق به الطلب ، فمحصّله : أنّ الواجب والحرام ما كان فعله أو تركه مطلوبا محضا مجرّدا عن الإذن في المخالفة ، فليتأمّل.
ودعوى أنّ الطلب الإلزامي مغاير بالذات للطلب الغير الإلزامي ، فللطلب مرتبتان : مرتبة ضعيفة لا تبلغ حدّ اللزوم ، ومرتبة شديدة بالغة ذلك الحدّ ، فلا يمكن تصادقهما على مورد ، قابلة للمنع ، وكيف لا! وإلّا لم يجز أن يتعلّق أمر واحد بشيئين : أحدهما واجب ، والآخر مستحبّ ، مع أنّه في الشرعيّات والعرفيّات فوق حدّ الإحصاء.
ودعوى أنّ الأمر في مثل هذه الموارد مستعمل في القدر المشترك بين
__________________
(١) في «ض ١٦» : «ذكر».