في أفعل التفضيل أن يذكر معه ما اقتضاه وضعه ، وهو «من» التفضيلية ، لانه بصوغه على هذه الصيغة المفيدة لهذا المعنى تعدّى إلى المفعول بمن الابتدائية ، كما ذكرنا ، فأفعل التفضيل يتميّز عما يشاركه في هذه الصيغة من الوصف ، كأحمر ، والاسم ، كأفكل ، في بدء النظر ، بمن التفضيلية ، فصارت كأنها من تمام الكلمة ، فلهذا لا يفصل بينهما إلا بمعمول أفعل ، وذلك أيضا قليل ،
فما دام معه «من» لا يطابق به صاحبه تثنية وجمعا وتأنيثا ، بل يلزم في الأحوال (١) صيغة المفرد المذكر نحو : زيد ، أو الزيدان ، أو الزيدون ، أو هند ، أو الهندان ، أو الهندات : أفضل من كذا ؛ إذ لو ثني وجمع وأنث ، لكان كتثنية الاسم وجمعه وتأنيثه قبل كماله ؛
فإذا أضفته وأردت تفضيل صاحبه على من سواه من أجزاء المضاف إليه ، كان كأفعل المصاحب لمن في لزومه صيغة واحدة ، وذلك لكونه مثله ، في كون المفضول مذكورا بعده ، مجرورا ، ولا سيّما أنّ أفعل المصاحب لمن مضارع للمضاف ، كما تبيّن في باب المنادى ، ولا فرق بينهما من حيث المعنى إلا من حيث إن المجرور بمن مفضول بجميع أجزائه ، والمجرور بالإضافة جميع أجزائه مفضولة إلا صاحب أفعل الداخل فيه معها ، ولا فرق بينهما لفظا إلّا بذكر «من» في أحدهما دون الآخر ، فجاز إجراء المضاف بهذا المعنى مجرى المصاحب لمن ، وجاز ، أيضا ، تثنيته وجمعه وتأنيثه ، لفوات لفظة «من» المانعة من التصرف ؛
وقال ابن الدهان (٢) ، وابن السّراج ، وابن يعيش : يجب إجراء المضاف بهذا المعنى مجرى المصاحب لمن ، ولا تجوز مطابقته لصاحبه ، لأنه مثله في ذكر المفضول بعده ؛ ومذهب الجمهور ما ذكرنا أوّلا ؛
وأمّا إذا قصدت بالمضاف : المعنى الثاني ، فلا يشابه المصاحب لمن ، إذ لم يذكر بعده المفضول ، وكذا ذو اللام ، لا يشابه المصاحب لمن لعدم ذكر المفضول بعده صريحا
__________________
(١) يريد الاحوال المتحدث عنها وهي التثنية والجمع والتأنيث ؛
(٢) تقدم ذكر هؤلاء في هذا الجزء وفيما قبله ؛