اجتماع الياء والواو ، حتى يقلبون الواو إلى الياء ـ تقدّمت أو تأخّرت ـ فيقولون : «طويت طيّا» ، والأصل «طويا» ، ويقولون «سيّد» ، والأصل «سيود» ، فكذلك ينبغي أن يكون النّطق بالواو المكسورة مستثقلا.
فإن قال قائل : هلّا قستم «وشاحا» وأخواته على «ويح» ، و «ويس» وأمثالهما ، فكما أنّ الواو والياء إذا اجتمعتا في أوّل الكلمة لم يوجب ذلك قلب الواو همزة فكذلك الواو مكسورة! فالجواب أنّ الواو المكسورة إنّما تشبه الواو الساكنة إذا جاءت بعدها ياء نحو : «طيّ» ، وذلك أنّ الحركة في النّية بعد الحرف. وسيقام الدليل على ذلك في موضعه. فالكسرة إذا من «وشاح» في النيّة بعد الواو ، وهي بمنزلة الياء ، وتبقى الواو ساكنة. فكما أنّه إذا كانت الواو قبل الياء ، وكانت ساكنة ، يجب إعلالها نحو «طيّ» فكذلك يجب إعلال ما أشبهها ، نحو «وشاح».
فإن قيل : فهلّا أعلّت بقلبها ياء ، كما فعل بها في «طيّ»! فالجواب أنّهم لم يفعلوا ذلك ، لأنّ المقصود بالإعلال التخفيف ، والكسرة في الياء ثقيلة ، فأعلّت بإبدال الهمزة منها.
وأمّا السماع فلأنّهم قد قالوا : «إسادة» و «إشاح» و «إعاء» و «إفادة». وكثر ذلك كثرة ، توجب القياس في كل واو مكسورة ، وقعت أوّلا.
وإن كانت مفتوحة لم تهمز ، إلّا حيث سمع ، لأنّ الفتحة بمنزلة الألف. فكما لا تستثقل الألف والواو ، في نحو «عاود» وأمثاله ، فكذلك لا تستثقل الواو المفتوحة. والذي سمع من ذلك «أجم» في «وجم» ، و «امرأة أناة» من الونيّ وهو الفتور ، و «أحد» في «وحد» ، و «أسماء» في «وسماء».
فإن وقعت غير أول فلا يخلو من أن تكون مكسورة ، أو مفتوحة ، أو مضمومة. فإن كانت مضمومة جاز إبدالها همزة ، بشرط أن تكون الضمة لازمة ، وألّا يمكن تخفيفها بالإسكان. قالوا في جمع «نار» : «أنؤر» ، و «دار» : «أدؤر» ، و «ثوب» : «أثؤب».
قال (١) :
لكلّ حال ، قد لبست أثؤبا
وإنما قلبت همزة لما ذكرنا من استثقال الضمّة في الواو ، مع أنّه لا يمكن تخفيفها بالإسكان ، لئلّا يؤدّي ذلك إلى التقاء الساكنين. ولو أمكن ذلك لم تبدل همزة ، نحو قولهم : «سور» في جمع «سوار».
فإن كانت الضمّة غير لازمة لم تبدل الواو همزة ، لا تقول «هذا غزء» تريد «هذا غزو» ، ولا تقول «لؤ استطعنا» تريد «لو استطعنا» ، لأن الضمّة في «غزو» إعراب ، وفي واو «لو»
__________________
(١) الرجز لمعروف بن عبد الرحمن أو لحميد بن ثور.
راجع : المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية ص ١١١١.