إبدال التاء
وأما التاء فأبدلت من ستّة أحرف ، وهي :الواو ، والياء ، والسين ، والصاد ، والطاء ، والدال.
فأبدلت من الواو ، على غير اطراد ، في «تجاه» وهو «فعال» من «الوجه» ، و «تراث» : «فعال» من «ورث» ، و «تقيّة» : «فعيلة» من «وقيت» ، و «التّقوى» : «فعلى» منه ، و «تقاة» : «فعلة» منه ، و «توراة» عندنا «فوعلة» من «وري الزند يري» وأصله «ووراة» فأبدلوا الواو الأولى تاء ، لأنّهم لو لم يفعلوا ذلك لأبدلوا منها همزة هروبا من اجتماع الواوين في أوّل الكلمة. وكذلك «تولج» (١) : «فوعل» من «الولوج» أصله «وولج». وهو عند البغداديين «تفعل» ، والتاء زائدة. وحملها على «فوعل» أولى ، لقلّة «تفعل» في الكلام وكثرة «فوعل» ، وكذلك «توراة».
وكذلك «تخمة» لأنّها من الوخامة ، و «تكأة» لأنّها من «توكّأت» ، و «تكلان» لأنّه من «توكّلت». و «تيقور» (٢) : «فيعول» من الوقار ، أصله «ويقور». ومن أبيات الكتاب (٣) :
فإن يكن أمسى البلى تيقوري
يريد «وقاري». ورجل «تكلة» من «وكل يكل».
وقالوا «أتلجه» أي : أولجه. وكذلك ما تصرّف منه ، نحو : «متلج». و «أتكأه» وما تصرّف منه لأنّه من «توكّأت» أيضا.
وأبدلت من واو القسم في نحو «تالله» ، لأنّ الأصل الباء ، بدليل أنك إذا جررت المضمر أتيت بالباء فقلت : «به» و «بك» ، لأنّ المضمرات تردّ الأشياء إلى أصولها ، ثم أبدلت الواو من الباء ، ثم أبدلت التاء من الواو.
فإن قال قائل : ولعلّها أبدلت من الباء! فالجواب أنّ إبدال التاء من الواو قد ثبت ، ولم يثبت إبدالها من الباء ، فكان الحمل على ما له نظير أولى. وأيضا فإنّ العرب لمّا لم تجرّ بها إلّا اسم الله تعالى دلّ ذلك على أنّها بدل من بدل ، لأنّ العرب تخصّ البدل من البدل بشيء بعينه ، وقد تقدّم تبيين ذلك.
وكذلك «التّليد» و «التّلاد» من «ولد». و «تترى» : «فعلى» من «المواترة» وأصلها : «وترى». و «أخت» لأنّه من «الأخوّة». و «بنت» لأنّه من «البنوّة». و «هنت» لقولهم في الجمع «هنوات». و «كلتا» لأنّه لا يتصوّر أن تكون أصلا لحذفها في «كلا» ، ولا زائدة للتأنيث لسكون ما قبلها ، وهو حرف صحيح ، ولكونها حشوا ، ولا زائدة لغير تأنيث ، لأنّ التاء لا تزاد حشوا. فلم يبق إلا
__________________
(١) التولج : كناس الوحش.
(٢) التيقور : الوقار.
(٣) البيت للعجّاج في ديوانه ص ٢٧.