لالتقاء الساكنين ، وحركة الإعراب وحركة التقاء الساكنين عارضتان ، فلا يعتدّ بهما.
وزعم ابن جنّي أنه لا يجوز قلب الواو المضمومة همزة ، إذا كانت زائدة ، وإن اجتمع الشرطان ؛ فلا يقال : «الترهؤك» في مصدر «ترهوك». والسبب في ذلك عنده أنّها إذا كانت أصلية فإنّ تصريف الكلمة ، أو اشتقاقها ، يدلّ على أنّ الهمزة مبدلة من واو ، ولا يتصوّر ذلك فيها إذا كانت زائدة ، فلو أبدلت لأدّى ذلك إلى الإلباس في بعض المواضع ، فلم يدر : أزيدت ابتداء ، أم زيدت الواو أوّلا ثم أبدلت الهمزة منها. فلمّا كان إبدال الزائدة يؤدّي إلى الإلباس ، في بعض المواضع ، رفض إبدالها. وممّا يقوّي هذا المذهب أنّها لا تحفظ من واو زائدة مبدلة.
وإن كانت مفتوحة لم يجز قلبها أصلا ، لأنّ قلبها في أوّل الكلمة ـ كما ذكرنا ـ لا يقاس. فإذا كانت لا تهمز في أول الكلمة إلّا حيث سمع ـ مع أنّ أوّل الكلمة طرف ، فالتغيير إليه أسرع من التغيير إلى الحشو ـ فالأحرى ألّا تنقلب حشوا. فلا تقول في «عاود» : «عاءد» ، ولا في «ضوارب» : «ضآرب». ولا يحفظ من كلامهم شيء من ذلك.
فإن كانت مكسورة ، أو واقعة موقع حرف مكسور ، فلا يخلو أن تقع بعد ألف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد ، أو لا تقع. فإن وقعت بعدها فلا يخلو أن يكون قبل الألف ياء أو واو ، أو لا يكون. فإن كان قبلها واو أو ياء لزم قلب الواو همزة ، إن كانت تلي الطرف. فتقول في جمع «أوّل» : «أوائل» ، وفي جمع «سيّد» : «سيائد». والأصل «أواول» و «سياود» ، فقلبت الواو همزة ، لاستثقال الواوين والألف ، أو الياء والواو والألف ، وبناء الجمع الذي لا نظير له في الآحاد.
هذا مذهب جمهور النحويين ، إلّا أبا الحسن الأخفش ، فإنه كان لا يهمز من ذلك إلّا ما كانت الألف منه بين واوين ، ويجعل ذلك نظيرا للواوين ، إذا اجتمعا في أوّل الكلمة. فكما أنّك تهمز الأولى منهما ، للعلّة التي تقدّم ذكرها ، فكذلك تهمز الواو الآخرة في «أوائل» وأمثاله. ولا يرى مثل ذلك ، إذا اجتمعت ياءان أو واو وياء. ويقول : لأنه إذا التقى الياءان أو الياء والواو أوّلا ، نحو «يين» اسم موضع ، و «ويل» ، و «يوم» ، لم يلزم الهمز. فكذلك لا يهمز عنده مثل «سيائق» (١) ، و «سيائد» (٢).
ما لم تصحّ الواو في المفرد ، في موضع ينبغي أن تعتلّ فيه ، أو تكون الواو في نيّة ألّا تلي الطرف ، فإنها تصحّ إذ ذاك ، ولا يجوز أن تبدل منها الهمزة. فتقول في جمع
__________________
(١) السيائق : ج السيقة ، وهي ما سيق من النهب وطرد.
(٢) السيائد : ج سيّد وسيّدة.