«قرّاء» (١) ، و «قراريء». لكن لمّا كانت مبدلة ، لأجل الألف التي قبلها ، وجب رجوعها إلى أصلها لزوال موجب القلب في الجمع ، وهو الألف التي قبلها ، فصار «صحاري ا» ، فوقعت الياء الساكنة قبل الألف التي للتأنيث ، فقلبت الألف ياء لوقوع الياء والكسرة قبلها. ثم أدغمت الياء في الياء.
فإن قال قائل : إنّما يدلّ قولهم «صحاريّ» على أنّ الهمزة مبدلة من غيرها ، إذ لو لم تكن بدلا لقالوا «صحاريء» ، فأمّا أنّها مبدلة من الألف فليس على ذلك دليل ، إذ لعلّها بدل من ياء أو واو! فالجواب أنه إذا ثبت أنّها بدل فينبغي أن تجعل بدلا من ألف ، لأن الألف قد ثبتت للتأنيث ، كما ذكرنا ، في «حبلى» وأمثاله ، ولم تثبت الياء ولا الواو للتأنيث ، في موضع من المواضع. فهذا جميع ما أبدلت فيه الهمزة من الألف ، مقيسا ذلك فيه ، وغير مقيس.
٢ ـ إبدال الهمزة من الواوالواو لا يخلو من أن تكون ساكنة ، أو متحركة. فإن كانت متحركة فلا يخلو من أن تكون أوّلا ، أو غير أوّل. فإن كانت أوّلا فلا يخلو أن تكون وحدها ، أو ينضاف إليها واو أخرى. فإن انضاف إليها أخرى أبدلت الأولى همزة ، هروبا من ثقل الواوين. وذلك نحو قولهم في جمع «واصل» : «أواصل». أصله «وواصل» فقلبت الواو همزة. وكذلك «أول» أصله : «وول» ، لأنه «فعل» من لفظ «أوّل» و «أوّل» فاؤه وعينه واو. فقلبت الواو الأولى همزة. ولا يجوز في هذا وأمثاله إلّا الهمز.
فإن كانت وحدها فلا يخلو من أن تكون مضمومة ، أو مكسورة ، أو مفتوحة. فإن كانت مكسورة أو مضمومة جاز أن تبدل منها همزة ، فتقول في «وعد» : «أعد» ، وفي «وقّتت» : «أقّتت» ، وفي «وسادة» : «إسادة» ، وفي «وعاء» : «إعاء». وقد قرىء (ثم استخرجها من إعاأ أخيه) (٢). وكذلك تفعل بكلّ واو تقع أوّلا ، مكسورة ، أو مضمومة.
وإنما فعلت ذلك ، لثقل الضمّة والكسرة في الواو. وذلك أنّ الضمة بمنزلة الواو ، والكسرة بمنزلة الياء. فإذا كانت الواو مضمومة فكأنّه قد اجتمع لك واوان. وإذا كانت مكسورة فكأنّه قد اجتمع لك ياء وواو. فكما أنّ اجتماع الواوين ، والياء والواو مستثقل فكذلك اجتماع الواو والضمّة ، والواو والكسرة.
وزعم المازنيّ أنّه لا يجوز همز الواو المكسورة بقياس ، بل يتّبع في ذلك السماع. وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، قياسا وسماعا :
أمّا القياس فلما ذكرنا من أنّ الواو المكسورة بمنزلة الياء والواو ، فكما يكرهون
__________________
(١) القراء : الناسك المتعبّد.
(٢) يوسف : ٧٦.