اعتلّتا في الفعل في «قام» و «باع» ، فاعتلّتا في اسم الفاعل حملا على الفعل ، فقلبتا ألفا ، فاجتمع ساكنان ، فأبدل من الثانية همزة ، وحرّكت هروبا من التقاء الساكنين. وكانت حركتها الكسر على أصل التقاء الساكنين.
وزعم المبرّد أنّ ألف «فاعل» أدخلت قبل الألف المنقلبة ، في «قال» و «باع» وأمثالهما ، فالتقى ألفان ، وهما لا يكونان إلّا ساكنين ، فلزم الحذف ـ لالتقاء الساكنين ـ أو التحريك. فلو حذفت لالتبس الكلام ، وذهب البناء ، وصار الاسم على لفظ الفعل ، فتحرّكت العين لأنّ أصلها الحركة. والألف إذا تحرّكت صارت همزة.
فإن صحّ حرف العلّة في الفعل صحّ في اسم الفاعل ، نحو «عاور» المأخوذ من «عور» ، على ما يحكم في باب القلب.
فالهمزة في هذا الفصل ، والذي قبله ـ وإن كانت مبدلة من الياء والواو ـ من جنس ما أبدلت فيه الهمزة من الألف ، لأنّهما لا تبدل منهما همزة إلّا بعد قلبهما ألفا ، كما تقدّم ، ولا يجوز اللفظ بالأصل في «قائم» و «بائع» وبابهما ، لا تقول «قاوم» ولا «بايع».
ومن قبيل ما أبدلت الهمزة فيه من الألف باطّراد إبدالهم الهمزة من ألف التأنيث في نحو «صحراء» ، و «حمراء» وأشباههما.
الهمزة في جميع هذا مبدلة من ألف التأنيث.
فإن قال قائل : وما الدليل على ذلك؟ فالجواب أن تقول : الدليل على ذلك أنّ الهمزة لا تخلو من أن تكون للتأنيث بنفسها ، أو بدلا من ألف التأنيث ، فباطل أن تكون بنفسها للتأنيث ، لأمرين : أحدهما أنّ الألف قد استقرّت للتأنيث في «حبلى» وأشباهه ، والهمزة لم تستقرّ له ، إذ قد يمكن أن تجعل بدلا من ألف. وإذا أمكن حمل الشيء على ما استقرّ وثبت كان أولى من أن يدّعى أنّه خلاف الثابت والمستقر.
والآخر أنّهم قالوا في جمع «صحراء» : صحاريّ» ، وفي «بطحاء» : «بطاحيّ». قال الوليد بن يزيد (١) :
لقد أغدو ، على أشق |
|
ر ، يغتال الصّحاريّا |
وقال غيره (٢) :
إذا جاشت حوالبه ترامت |
|
ومدّته البطاحيّ ، الرّغاب |
ولو لم تكن هذه الهمزة مبدلة من ألف التأنيث لوجب ، في لغة من يحقّق ، أن يقال «بطاحيء» ، و «صحاريء» ، كما قالوا
__________________
(١) ديوانه ص ٥٨.
(٢) البيت بلا نسبة في خزانة الأدب ٣ / ٣٢٥ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٩٧.