الخمسة ، ولا في بنات الأربعة إلّا في المضعّف ، نحو : «قوقيت» ، و «ضوضيت» ، فإنّ الواو فيه أصل. وقد تقدّم الدليل على ذلك ، بقول العرب : «ضوضاء» ، و «غوغاء» في فصل الألف. ولا تجعل أصليّة ، فيما عدا باب «ضوضيت» ، إلّا أن يقوم على ذلك دليل ، فيكون شاذّا ، نحو : «ورنتل» (١) ، فإنّ الواو فيه أصليّة ، ووزن الكلمة «فعنلل». ولا تجعل زائدة ، لأنّ الواو لا تزاد أوّلا أصلا.
فإن قيل : وفي جعلها أيضا أصلا خروج عمّا استقرّ لها ، من أنّها لا تكون أصلا ، إلّا في باب «ضوضيت»! فالجواب أنّه قد تقدّم أنّه متى كان في الكلمة وجهان شاذّان ، أحدهما يؤدّي إلى أصالة الحرف ، والآخر يؤدّي إلى زيادته ، كانت الأصالة أولى.
وأيضا فإنّ الواو قد جاءت أصلا في ضرب من بنات الأربعة ، وهو المضاعف ، ولم تزد أوّلا في موضع من المواضع. وأيضا فإنّ جعلها زائدة يؤدّي إلى بناء غير موجود ، وهو «وفنعل». وجعلها أصليّة يؤدّي إلى بناء موجود ، وهو «فعنلل» ، نحو : «جحنفل» (٢).
فإن قال قائل : إنّكم استدللتم على أن «ضوضيت» وبابه من بنات الأربعة ، بقولهم «ضوضاء» و «غوغاء» لأنه لم يوجد مثل «فعلاء» في كلامهم ، ولا دليل في ذلك ، لاحتمال أن تكون الواو زائدة ، ويكون وزن الكلمة «فوعالا» كـ «توراب» (٣)! فالجواب أنّه لو كان «فوعالا» لكان من باب «ددن» ، و «غوغاء» ، و «ضوضيت» ، و «غوغيت» كثير ، ولا يتصوّر حمل ما جاء كثيرا على باب لم يجىء منه إلّا اليسير. وأيضا فإنّ «فوعالا» كـ «توراب» قليل جدّا. وإذا كانت الواو أصلا كان وزن الكلمة «فعلالا» كـ «صلصال» و «قلقال» ، وذلك بناء موجود في المضعّف كثيرا ، فحمله على ذلك أولى» (٤).
«أمّا الأدلّة التي يعرف بها الزائد من الأصليّ ، فهي الاشتقاق ، والتصريف ، والكثرة ، واللّزوم ، ولزوم حرف الزيادة البناء ، وكون الزيادة لمعنى ، والنظير ، والخروج عن النظير ، والدخول في أوسع البابين عند لزوم الخروج عن النظير.
أمّا الاشتقاق منها فينقسم إلى قسمين : اشتقاق أصغر ، واشتقاق أكبر.
فالاشتقاق الأكبر هو عقد تقاليب الكلمة كلّها على معنى واحد. نحو ما ذهب إليه أبو الفتح بن جنّي من عقد تقاليب «القول» السّتّة على معنى الخفّة. ولم يقل به أحد من النحويّين إلّا أبا الفتح. وحكى هو ، عن أبي
__________________
(١) الورنتل : الشر والأمر العظيم.
(٢) الجحنفل : العظيم الشفة.
(٣) التوراب : التراب.
(٤) الممتع في التصريف ص ٢٠١ ـ ٢٩٤.