«أغوى منه» و «أضوأ منه» و «أيدع» (١) ، لأنّ «أغوى» من الغيّ ، و «أضوأ» من الضّوء ، ويقولون «يدّعته».
وكذلك جميع ما عرف له اشتقاق ، من هذا النوع ، همزته زائدة ، وما عداها أصليّ ، إلّا ألفاظا قليلة شذّت من هذا النوع ، وهي «أولق» (٢) و «إمّعة» (٣) و «أيصر» (٤) و «أرطى» (٥) و «أيطل» (٦). فلذلك حملنا ما ليس له اشتقاق ، نحو : «أفعى» و «إشفى» و «أبين» ، على الأكثر ، فقضينا بزيادة الهمزة.
فإن قيل : فما الدليل على أصالة الهمزة ، في هذه الألفاظ الخمسة؟ فالجواب أنّ الذي يدلّ على أصالة الهمزة في «أيصر» أنّهم يقولون في جمعه «إصار» ، بإثبات الهمزة وحذف الياء ، فدلّ على أصالة الهمزة وزيادة الياء.
ولا يمكن أن تجعل هذه الهمزة بدلا من ياء ، فيكون أصله «يصار» ، ثم أبدلت الهمزة من الياء ، لأنّ الياء لا تبدل همزة في أوّل الكلام.
والذي يدلّ على أصالة الهمزة في «إمّعة» أنّك لو جعلتها زائدة لكان وزنها «إفعلة» ، و «إفعلة» لا يكون صفة أصلا ، إنّما يكون اسما غير صفة نحو «إشفى» و «إنفحة» (٧).
فدلّ ذلك على أنّ همزتها أصليّة ، ويكون وزنها «فعّلة» ، لأنّ «فعّلة» في الصفات موجود ، نحو : «رجل دنّبة» (٨). وأيضا فإنك لو جعلت همزة «إمّعة» زائدة لكانت إحدى الميمين منه فاء ، والأخرى عين ، فيكون من باب «ددن» (٩) ، وهو قليل جدّا ، أعني أن تكون الفاء والعين من جنس واحد. فلمّا كان جعل الهمزة زائدة يؤدّي إلى الدخول في هذا الباب القليل ، وإلى إثبات مثال في الصفات لم يستقرّ فيها ، قضي بأصالة الهمزة.
وأمّا «أرطى» فالدليل على أصالة الهمزة قولهم «أديم مأروط» أي : مدبوغ بالأرطى.
فإثبات الهمزة في «مأروط» ، وحذف الألف ، دليل على أصالة الهمزة وزيادة الألف.
وحكى أبو عمر (١٠) الجرميّ «أديم مرطيّ».
فالهمزة ـ على هذا ـ زائدة ، والألف أصل.
وأمّا «أولق» فالذي يدلّ على أصالة الهمزة فيه ، وزيادة الواو ، قولهم : «ألق الرّجل» إذا أصابه الأولق. فقولهم «ألق»
__________________
(١) الأيدع : صبغ أحمر.
(٢) الأولق : الجنون.
(٣) الإمعة : الضعيف الجبان.
(٤) الأيصر : الحشيش.
(٥) الأرطى : نوع من النبات.
(٦) الأيطل : الخاصرة.
(٧) الإنفحة : شيء يخرج من بطن الجدي الرضيع أصفر يعصر في صرّة مبتلة باللبن ، فيغلظ كالجبن.
(٨) دنبة : قصير.
(٩) الددن : اللهو واللعب.
(١٠) هو اللغويّ صالح بن إسحاق.