بإثبات الهمزة ، وحذف الواو ، دليل على أصالة الهمزة وزياد الواو.
فإن قيل : فلعلّ هذه الهمزة بدل من الواو ، والأصل «ولق» ، نحو قولهم في «وعد الرّجل» : «أعد»! فالجواب أنه لو كان من قبيل «أعد» لقالوا : «ولق» كما يقولون : «وعد». فالتزامهم الهمزة في «ألق» دليل على أنّها أصل. وأيضا فإنّهم قالوا : «رجل مألوق» ، ولو كانت الهمزة زائدة لقالوا : «مولوق» بالواو. ولا يتصوّر أن تقدّر الهمزة في «مألوق» بدلا من الواو ، لأنّ مثل هذه الواو لا تقلب همزة.
وزعم الفارسيّ أنّ «أولقا» يحتمل ضربين من الوزن : أحدهما ما قدّمناه من أنّه «فوعل» وهمزته أصل ، من «تألّق البرق».
والآخر أنه «أفعل» وهمزته زائدة ، من «ولق» إذا أسرع ، لأنّ «الأولق» : الجنون ، وهي توصف بالسرعة.
فإن قيل : فكيف أجاز ذلك ، مع قولهم «ألق» و «مألوق»؟ فالجواب أنّه يجعل الهمزة منهما بدلا من الواو ، والأصل «ولق» و «مولوق». ويجعل هذا من قبيل البدل اللّازم ، فتكون الواو من «ولق» لمّا أبدلت همزة لانضمامها أجريت هذه الهمزة مجرى الأصليّة ، فقالوا «مألوق». فيكون ذلك نظير قولهم : «عيد» و «أعياد» ؛ ألا ترى أنّ «عيدا» من «عاد يعود» ، وأنّ الأصل فيه «عود» ، فقلبت الواو ياء ، لسكونها ، وانكسار ما قبلها ، فقيل «عيد». وكان ينبغي ، إذا جمعنا ، أن نقول في جمعه «أعواد» بالواو ، لزوال الموجب لقلب الواو ياء في «ريح» ، وهو سكونها وانكسار ما قبلها. قال :
تلفّه الأرواح ، والسّميّ (١)
إلا أنهم لمّا أبدلوا الواو ياء في «عيد» أجروا هذه الياء مجرى الأصليّة. إلّا أنّ هذا النوع من البدل ـ أعني اللّازم ـ قليل ، وأصالة الهمزة أيضا ، إذا وقعت أوّلا في مثل هذا ، قليل ، فتكافأ الأمران عنده ، فلذلك أجاز الوجهين.
والصحيح أنّ «الأولق» همزته أصليّة ، ولا ينبغي أن يحمل على باب «عيد» و «أعياد» ، لأنّ مثل هذا الباب قد سمع فيه الأصل ، فتقول «عيد وأعواد». ولم يقولوا : «ولق» ولا «مولوق» ، في موضع من المواضع. فلذلك وجب حمل «أولق» على أن همزته أصليّة.
ويجوز أيضا في «أولق» أن يكون «فوعلا» ، عند من يجعله مشتقا من «ولق».
ويكون أصله : «وولقا» ، فأبدلت الواو الواحدة همزة ، ولزم على قياس كلّ واوين يجتمعان في أوّل الكلمة. إلّا أنّ الأولى ، عند من يجعله مشتقا من «ولق» ، أن تكون الهمزة زائدة ، ويكون وزنه «أفعل» ، لأنّ «أفعل» أكثر من «فوعل». وأيضا فإنّ الهمزة ينبغي أن يوقف فيها مع الظاهر ، ولا يدّعى
__________________
(١) البيت للعجاج في ديوانه ص ٦٩.