فإن كان بعدها أربعة أحرف مقطوع بأصالتها فصاعدا كانت أصلا. وذلك نحو «إصطبل» و «إبريسم» (١) و «إبراهيم» و «إسماعيل» ؛ ألا ترى أنّ الصاد والطاء والباء من «إصطبل» مقطوع بأصالتها ، لأنّها ليست من حروف الزيادة. وكذلك اللّام ، لأنّ المواضع التي تزاد فيها محصورة كما تقدّم. وليس «إصطبل» منها. وكذلك الباء والراء والسين والميم من «إبريسم» ، والباء والراء والهاء والميم من «إبراهيم» ، والسين والميم والعين واللّام من «إسماعيل». جميع ذلك أصل ، مقطوع بأصالته.
وإنّما قطع بأصالة الهمزة في مثل هذا ، لأنّ بنات الأربعة فصاعدا لا تلحقها الزيادة من أوّلها أصلا ، إلّا الأفعال ، نحو : «تدحرج» ، والأسماء الجارية عليها ، نحو : «مدحرج». فلمّا كانت هذه الأسماء وأمثالها ليست من قبيل الأسماء الجارية على الأفعال قطع بأنّ الهمزة في أوّلها أصل.
وإن كان بعدها ثلاثة أحرف مقطوع بأصالتها قطع بأنّها زائدة. وذلك نحو «أفكل» (٢) همزته زائدة. وإنّما قضينا عليها بالزيادة لأنّ كلّ ما عرف اشتقاقه من ذلك فالهمزة فيه زائدة ، نحو : «أحمر» و «أصفر» و «أخضر» ، وأمثال ذلك : ألا ترى أنّها مشتقّة من «الحمرة» و «الصّفرة» و «الخضرة». فلمّا كانت كذلك فيما عرف اشتقاقه حمل ما جهل اشتقاقه على ما علم ، فقضي بزيادة الهمزة فيه.
وإن كان بعدها حرفان مقطوع بأصالتهما ، وما عداهما مقطوع بزيادته ، كانت الهمزة أصلا ، إذ لا بدّ من الفاء والعين واللّام ، كما تقدّم. وذلك نحو «آخذ» و «آمر» ؛ ألا ترى أنّ الألف مقطوع بزيادتها ، وأنّ الخاء والذال من «آخذ» ، والميم والراء من «آمر» ، مقطوع بأصالتها. فلذلك كانت الهمزة أصلا فيهما ، وفي أمثالهما.
فإن كان بعدها حرفان مقطوع بأصالتهما ، وما عداهما محتمل للأصالة والزيادة ، قضي على الهمزة بالزيادة ، وعلى ما عداها ممّا يحتمل الأصالة والزيادة بأنّه أصليّ. وذلك نحو «أبين» (٣) والألف من «إشفى» (٤) و «أفعى». فإنّك ـ وإن لم يكن معك اشتقاق ولا تصريف ـ تقضي بزيادة الهمزة ، وأصالة ما عداها. وذلك أنّ «إشفى» ، و «أبين» ، و «أفعى» وأمثال ذلك ، الهمزة في جميع ذلك زائدة ، والياء من «أبين» والألف من «إشفى» و «أفعى» أصلان.
وإنّما قضي بزيادة الهمزة ، في مثل هذا ، لأنّ جميع ما ورد من ذلك ، ممّا له اشتقاق ، الهمزة فيه زائدة وما عداها أصل ، نحو قوله :
__________________
(١) الإبريسم : الحرير.
(٢) الأفكل : الرعدة.
(٣) أبين : اسم رجل من حمير.
(٤) الإشفى : المخرز.