الكفرة ، فوعدهم ذلك إذا دجا (١) الإسلام. أو لأنّ الموعود في القيامة حين تعرض حسناتهم على رؤوس الأشهاد ، فينزع ما في صدورهم من الغلّ.
ويؤيّد الأوّل ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا أحبّ الله عبدا يقول لجبرائيل : أحببت فلانا فأحبّه ، فيحبّه. ثمّ ينادي في أهل السماء : ألا إنّ الله قد أحبّ فلانا فأحبّوه ، فيحبّه أهل السماء. ثمّ يضع له المحبّة في الأرض».
وعن قتادة : ما أقبل العبد إلى الله عزوجل ، إلّا أقبل الله بقلوب العباد إليه.
وفي تفسير أبي حمزة الثمالي : «حدّثني أبو جعفر عليهالسلام أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعليّ عليهالسلام : يا عليّ قل اللهمّ اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي في قلوب المؤمنين ودّا.
فقال ذلك عليّ عليهالسلام ، فأنزل الله تعالى هذه الآية». ثمّ قال : «ما من مؤمن إلّا وفي قلبه محبّة لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام».
وهذه الرواية مرويّة أيضا عن جابر بن عبد الله. ويؤيّده ما صحّ عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بجملتها على المنافق على أن يحبّني ما أحبّني ، وذلك أنّه قضي فانقضى على لسان النبيّ الأمّيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبّك منافق».
(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) متعلّق بمحذوف تقديره : بلّغ هذا المنزل ، أو بشّر به وأنذر ، فإنّما يسّرناه بلسانك ، بأن أنزلناه بلغتك. والباء بمعنى «على». أو على أصله ، لتضمّن «يسّرناه» معنى : أنزلناه بلغتك ، وهو اللسان العربيّ المبين ، وسهّلناه وفصّلناه (لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) الصائرين إلى التقوى (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) أشدّاء في الخصومة بالباطل ، آخذين في كلّ لديد ، أي : في كلّ شقّ من المراء والجدال ، لفرط لجاجهم. وهو جمع الألدّ ، بمعنى : شديد الخصومة. يريد أهل مكّة.
__________________
(١) في هامش النسخة الخطّية : «دجا الإسلام ، أي : قوي ووفر وكثر وألبس كلّ شيء. منه».