عليهم جوابا. ولا يجوز أن تكون «أن» ناصبة ، لأنّها لا تقع بعد أفعال اليقين. (وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) ولا يقدر على إنفاعهم وإضرارهم ، ومن كان بهذه الصفة فإنّه لا يصلح للعبادة.
روي عن مقاتل : لمّا مضى من موعد موسى خمسة وثلاثون يوما ، أمر السامريّ بني إسرائيل أن يجمعوا ما استعاروه من حليّ آل فرعون ، وصاغه عجلا في السادس والثلاثين والسابع والثامن ، ودعاهم إلى عبادته في التاسع ، فأجابوه ، وجاءهم موسى بعد استكمال الأربعين.
(وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (٩١) قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤))
(وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ) قبل عود موسى إليهم ، أو من قبل أن يقول لهم السامريّ ما قال. كأنّه أوّل ما وقع عليه بصره حين طلع من الحفرة توهّم ذلك ، وبادر تحذيرهم بقوله : (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ) بالعجل. يعني : أنّ الله شدّد عليكم التعبّد ، فلا تعبدوا العجل (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) لا غير (فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي) في الثبات على الدين.
(قالُوا لَنْ نَبْرَحَ) لا نزال (عَلَيْهِ) على العجل وعبادته (عاكِفِينَ) مقيمين