(وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً (٣٧) كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (٣٨) ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً (٣٩))
ثمّ نهى عن فعل قبيح آخر بقوله : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) أي : ذا مرح ، وهو الاختيال والتكبّر (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ) لن تجعل فيها خرقا بدوسك فيها وشدّة وطأتك (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) بتطاولك. وهو تهكّم بالمختال ، وتعليل للنهي بأنّ الاختيال حماقة محضة لا تعود بجدوى ، ليس في التذلّل.
قال في المجمع : «إنّما قال ذلك لأنّ من الناس من يمشي في الأرض بطرا ، يدقّ قدميه عليها ليرى بذلك قدرته وقوّته ، ويرفع رأسه وعنقه ، فبيّن سبحانه أنّه ضعيف مهين ، لا يقدر أن يخرق الأرض بدقّ قدميه عليها حتى ينتهي إلى آخرها ، وأنّ طوله لا يبلغ طول الجبال وإن كان طويلا» (١).
(كُلُّ ذلِكَ) إشارة إلى الخصال الخمس والعشرين المذكورة من قوله : (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) (٢). وعن ابن عبّاس : أنّ هذه الثماني (٣) عشرة آية كانت مكتوبة في ألواح موسى عليهالسلام. (كانَ سَيِّئُهُ) يعني : المنهيّ عنه ، فإنّ المذكورات مأمورات ومنهيّات.
وقرأ الحجازيّان والبصريّان : سيّئة ، على أنّها خبر «كان» ، والاسم ضمير «كلّ» ،
__________________
(١) مجمع البيان ٦ : ٤١٦.
(٢) الإسراء : ٢٢.
(٣) أي : من آية ٢٢ إلى ٣٩ من سورة الإسراء.