(٦٧) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠))
ثمّ بيّن سبحانه أنّه لا يكلّف أحدا إلّا دون الطاقة ، بعد أن أخبر عن حال الكافرين والمؤمنين ، فقال : (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) قدر طاقتها يعني : أنّ هذا الّذي وصف به الصالحين غير خارج عن حدّ الوسع والطاقة ، وكذلك كلّ ما كلّفه عباده.
(وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِ) بالصدق. لا يقرؤن منه يوم القيامة إلّا ما هو صدق وعدل ، لا زيادة فيه ولا نقصان ، ولا يوجد فيه ما يخالف الواقع.
(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) لا ينقص من ثوابهم ، ولا يزاد في عقابهم ، ولا يؤاخذون بذنب غيرهم. فما عملوه من الأعمال غير ضائع عندنا ، بل كلّ ما كلّفنا عبادنا في الدنيا مثبت في اللوح أو صحف أعمالهم ، ونجازيهم على وفقه.
(بَلْ) ردّ لما سبق من الكلام المشتمل على الوعد والوعيد في القرآن (قُلُوبُهُمْ) قلوب الكفّار (فِي غَمْرَةٍ) في غفلة غامرة لها (مِنْ هذا) من الّذي وصف به هؤلاء المؤمنون. أو من كتاب الحفظة. (وَلَهُمْ أَعْمالٌ) خبيثة (مِنْ دُونِ ذلِكَ) متجاوزة لما وصف به المؤمنون. أو متخطّية عمّاهم عليه من الشرك. (هُمْ لَها عامِلُونَ) معتادون فعلها ، وصارت الأعمال القبيحة والأفعال الخبيثة دأبهم.
(حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ) متنعّميهم (بِالْعَذابِ) يعني : القتل يوم بدر ، أو الجوع حين دعا عليهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «اللهمّ اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف». فابتلاهم الله بالقحط ، حتّى أكلوا الجيف والكلاب والعظام