وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦) قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً (٨٩))
روي : أنّ الله سبحانه واعد موسى جانب الطور الأيمن ، فتعجّل موسى من بينهم ـ وهم السبعون الّذين اختارهم موسى ـ شوقا إلى ربّه ، وخلّفهم ليلحقوا به. فقال الله سبحانه له سائلا عن سبب العجلة : (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى) أيّ شيء عجّل بك؟ وبأيّ سبب خلّفتهم وسبقتهم وجئت وحدك؟ فيه إنكار ، من حيث إنّ العجلة نقيصة في نفسها ، مع انضمام إغفال القوم إليها ، وإيهام التعظّم عليهم ، فلذلك أجاب موسى عن الأمرين.
وقدّم الجواب ببسط العذر. وتمهيد العلّة في نفس ما أنكر عليه ، لأنّه أهمّ.
(قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي) من ورائي يدركونني عن قريب ، ما تقدّمتهم إلّا بخطى يسيرة لا يعتدّ بها عادة ، وليس بيني وبينهم إلّا مسافة قريبة يتقدّم بمثلها الوفد رأسهم ومقدّمهم. وعن أبي عمرو ويعقوب : إثري بالكسر. والإثر أفصح من الأثر. هكذا في الكشّاف (١).
__________________
(١) الكشّاف ٣ : ٨٠.