وقيل : معناه : إلّا قليل من أهل الكتاب. والضمير في «سيقولون» على هذا لأهل الكتاب خاصّة ، أي : سيقول أهل الكتاب فيهم كذا وكذا ، ولا علم بذلك إلّا في قليل منهم ، وأكثرهم على الظنّ والتخمين.
وروي عن علي عليهالسلام : «هم سبعة وثامنهم كلبهم. وأسماؤهم : يمليخا ، ومكشلينيا ، ومشلينيا. هؤلاء أصحاب يمين الملك. ومرنوش ، ودبرنوش ، وشاذنوش ، أصحاب يساره. وكان يستشيرهم. والسابع : الراعي الّذي وافقهم. واسم كلبهم قطمير».
(فَلا تُمارِ فِيهِمْ) ولا تجادل في شأن أصحاب الكهف مع الخائضين فيهم (إِلَّا مِراءً ظاهِراً) إلّا جدالا ظاهرا غير متعمّق فيه ، وهو أن تقصّ عليهم ما أوحي إليك فحسب ، من غير تجهيل لهم ، ولا تعنيف بهم في الردّ عليهم ، فإنّه يخلّ بمكارم الأخلاق ، كما قال : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١).
(وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) ولا تسأل أحدا منهم عن قصّتهم سؤال مسترشد ، فإنّ فيما أوحي إليك لمندوحة عن غيره ، مع أنّه لا علم لهم بها. ولا سؤال متعنّت ، حتّى يقول شيئا فتردّه عليه وتزيّف ما عنده ، لأنّ ذلك ما وصيت به من المداراة والمجاملة.
(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (٢٤))
وروي عن ابن عبّاس وسعيد بن جبير : أنّ النضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط أنفذهما قريش إلى أحبار اليهود بالمدينة ، وقالوا لهما : سلاهم عن محمّد ، وصفا لهم صفته ، وأخبراهم بقوله ، فإنّهم أهل الكتاب الأوّل ، وعندهم من علم الأنبياء ما ليس عندنا. فخرجا حتّى قدما المدينة ، فسألا أحبار اليهود عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقالا لهم ما قالت قريش.
__________________
(١) النحل : ١٢٥.