ثمّ أخبر سبحانه عن تلك الأمم ، فقال : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ) وجعلنا بعض يأجوج ومأجوج حين يخرجون ممّا وراء السدّ (يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) يموجون في بعض مزدحمين في البلاد. أو يموج بعض الخلق في بعض ، فيضطربون ويختلطون إنسهم وجهنّم حيارى. ويؤيّده (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) لقيام الساعة.
واختلفوا في الصور ، فعن ابن عبّاس : هو قرن ينفخ فيه. وعن الحسن : هو جمع صورة ، وأنّ الله سبحانه يصوّر الخلق في القبور كما صوّرهم في الأرحام ، ثمّ ينفخ فيهم الأرواح كما ينفخ في أرحام أمّهاتهم.
وقيل : إنّه ينفخ إسرافيل في الصور ثلاث نفخات. فالنفخة الأولى : نفخة الفزع.
والثانية : نفخة الصعق الّتي يصعق من في السماء والأرض بها فيموتون. والثالثة : نفخة القيام ، فيحشرهم بها في قبورهم لربّ العالمين.
(فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) للحساب والجزاء في صعيد واحد.
(وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً) وأبرزناها وأظهرناها لهم ، فرأوها وشاهدوها مع ألوان عذابها قبل دخولها.
(الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي) أي : غفلوا عن آياتي الّتي ينظر إليها ، فأذكر بالتوحيد والتعظيم ، فأعرضوا عن التفكّر فيها (وَكانُوا) فصاروا بمنزلة من يكون في عينه غطاء يمنعه من الإدراك (لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) أي : يثقل عليهم استماع ذكري وكلامي ، لإفراط صممهم عن الحقّ ، فإنّ الأصمّ قد يستطيع السمع إذا صيح به ، وهؤلاء كأنّهم أصمت مسامعهم بالكلّيّة ، فلا استطاعة بهم للسمع.
(أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أفظنّوا ، والاستفهام للإنكار (أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي) وهم