(وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) إلّا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ـ سواء كان أصليّا أو بالارتداد ـ وزنا بعد إحصان ـ وفي حكمه اللواط ـ وقتل مؤمن معصوم عمدا.
(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً) غير مستوجب للقتل (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ) الّذي يلي أمره بعد وفاته ، وهو الوارث (سُلْطاناً) تسلّطا على القاتل بالمؤاخذة والاقتصاص منه ، فإنّ قوله : «مظلوما» يدلّ على أنّ القتل عمدا عدوان ، فإن الخطأ لا يسمّى ظلما (فَلا يُسْرِفْ) أي : القاتل (فِي الْقَتْلِ) بأن يقتل من لا يستحقّ قتله ، فإنّ العاقل لا يفعل ما يعود عليه بالهلاك. أو الوليّ بالمثلة ، أو قتل غير القاتل. وقرأ حمزة والكسائي : فلا تسرف ، على خطاب أحدهما.
ثمّ استأنف الكلام بقوله : (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) علّة للنهي عن قتل غير المقتول والمثلة. والضمير إمّا للمقتول ، فإنّه منصور في الدنيا بثبوت القصاص بقتله ، وفي الآخرة بالثواب. وإمّا لوليّه ، فإنّ الله نصره حيث أوجب القصاص له ، وأمره الولاة بمعونته. وإمّا للّذي يقتله الوليّ إسرافا ، بإيجاب القصاص أو التعزير والوزر على المسرف.
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً (٣٤) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٣٥))
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) فضلا أن تتصرّفوا فيه (إِلَّا بِالَّتِي) أي : بالطريقة الّتي (هِيَ أَحْسَنُ) وهي حفظه عليه وجوبا ، وتثميره مندوبا على الأصحّ (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) غاية لجواز التصرّف الّذي دلّ عليه الاستثناء.