الثالث في كيفية التقويم. والكلام فيه يقع في مرحلتين :
الأولى : يقوم ما ترث من قيمته من الأعيان ثابتة مستحقة للبقاء. إلى أن تفنى مجانا ، لا بأجرة ، أما كونها ثابتة ، فلكونها موروثة كذلك ولو بالقيمة. وأما كونها مجانا ، فلعدم وجود موجب لاستحقاق الأجرة لأن السبب لها أشغال ملك الغير بوضع ما يملكه فيه. والمرأة ـ على الأقوى ـ لم تملك العين الشاغلة لملك الغير حتى تستحق عليها الأجرة ، وليس إعطاؤها القيمة بدلا عن العين المملوكة لها ، بل تملكها للقيمة بأصل الإرث ، ولو بنحو البدلية عن العين (١) والتدارك لماليتها.
ومما ذكرنا ظهر لك ضعف ما احتمله ثاني الشهيدين في (رسالته) من تقويمها باقية بأجرة ، معللا بأن الأرض لا تستحق فيها شيئا ، وما تستحق
__________________
(١) توضيح المطلب : أن من ملك المحال أو المظروف ولم يملك المحل والظرف فتملكه للحال بمجرده لا يوجب استحقاق البقاء في محل يملكه غيره ولو ثبت استحقاقه للبقاء بدليل خارج ، فبمجرده لا يثبت أيضا ، للوضع بنحو المجانية لأن جواز الوضع يمكن بنحو المجان أو بالعوض ، والعام لا يدل على خصوص الخاص ، فما لم يثبت من الخارج كون الوضع بنحو المجان اقتضت القاعدة كونه بالأجرة ، لأنه شاغل لملك الغير ، فلا بد من تداركه بالأجرة عوضا عن المنفعة المستوفاة ، ومعلوم أن لزوم التدارك انما هو مسبب عن التصرف في ملك الغير بإبقاء ملكه فيه فهذا السبب مفقود في المقام ، إذ الزوجة لم تملك العين أولا ، ثم ينتقل حقها الى البدل ، بل تملك القيمة من أول الأمر ، ولو بدلا عن العين وتداركا لماليتها فالموجب للأجرة بوضعه لم تملكه أبدا ، وما ملكته ـ وهو القيمة ـ غير موجب للأجرة (منه دام ظله).